أنبأنا أبو محمد بن يوسف النحوي عن أبي الفتح بن السبطي قال أنبأنا أبو عبد الله الحميدي عن غرس النعمة محمد بن هلال بن المحسن بن المحسن بن الصابئ قال : وحدث أبو الحسن أحمد بن يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن البهلول التنوخي قال : حدثني أبي قال : حضرت أسد بن جهور ، وكان شديد النسيان ، عند عبيد الله بن سليمان الوزير ، وهو يخاطبه في أمر من الأمور فيقول له : السمع والطاعة لأمر القاضي أعزه الله ، وقد أنسي أنه الوزير ، وكان الى جنب أبي العباس ابن الفرات ، فغمزه أبو العباس وقال له : قال الوزير أعزه الله ، فقال لابن الفرات : نعم أعز الله القاضي ، فضحك ابن الفرات وقال : لست القاضي ، فارجع الى صاحبك فقضّه.
قال : وكنت يوما عند أسد بن جهور وهو يكتب ، فجفت دواته ، فقال : يا غلام كوز ماء للدواة ، فجاء الغلام بكوز ماء ، فأخذه وشربه ، ومضى الغلام بالكوز ، وأخذ يكتب فلم تنكتب له ، فقال : ويلك هات الماء للدواة ، فجاء بشربة ثانية ، فأخذها وشربها ، ولم يطرح في الدواة منها ، ثم كتب فلم تنكتب له ، فقال : ويلك كم أطلب للدواة ماء ولا تحضره ، فجاءه الغلام بشربة ثالثة ، فأخذ يشربها فقال له : يا سيدي اطرح منها أولا في الدواة ، ثم اشرب الباقي فقال : نعم نعم ، وطرح في الدواة وكتب (١).
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد قال : أخبرنا أبو الحسن بن قبيس الغساني قال : حدثنا أبو بكر الخطيب قال : أخبرني علي بن أبي علي قال : أخبرنا محمد بن عمران المرزباني أن محمد بن يحيى أخبره قال : كان أبو مسلم الكجي وأسد بن جهور يتقلدان أعمالا بالشام فقال البحتري يمدحهما :
هل تبدينّ لي الأيام عارفة |
|
لدى أبي مسلم الكجي أو أسد |
كلاهما آخذ للمجد أهبته |
|
وباعث بعد وعد اليوم نجح غد |
لله دركما من سيدي زمن |
|
أجريتما من معاليه الى أمد (٢٣ ـ ظ) |
وجدت عندكما الجدوى ميسّرة |
|
أوان لا أحد يجدي على أحد |
__________________
(١) انظر كتاب الهفوات النادرة لغرس النعمة ـ ط. دمشق ١٩٦٧ : ١٥٨ ـ ١٦٠