فليأت برهانه إن كان من الباحثين الأحرار المخلصين ، ومن زعم أن هذا القول قد أكل الدهر عليه وشرب ، كان كمن ينقد مهندسا ( مثلا ) يراه يُجري عملية الضرب ( ٥ × ٦ = ٣٠ ) أثناء عمله ، فيقول إن طلاب الدراسة الابتدائية يفعلون ذلك ، فيتهم المهندس بالجمود والرجعية ( نعوذ بالله من التخلف الفكري ).
لكي تطمئن القلوب
أولاً : ـ لقد درس الفيلسوف الشهير « جان جاك روسو » حركة الكون بما فيه من ملايين لا تعد ولا تحصى من النجوم والكواكب والكائنات الأخرى ، فتوصل بعبقريته الرفيعة إلى الاعتراف بمحرك حكيم عليم لهذا العالم وهو خارج عنه. والجدير بالذكر هو أن « روسو » من أشهر الفلاسفة الفرنسيين بل العالم كله ، فهو الذي اشتهر بإصدار نظرية «العقد الاجتماعي» ، ويعتبر أكبر محفز للثورة الفرنسية بمابثه في النفوس من تعاليم وأفكار تلقاها زعماء الثورة من مؤلفاته ومقالاته ، فأحرزوا النصر في كفاحهم الثوري. لقد بين « روسو » أن الحركة لا تتصف بها المادة بصورة اصلية ذاتية ، بل هي صادرة من سبب خارج عنها ، ويستحيل أن نفترض بأنها إرادية فيها ، لأن هذا الوجود المشاهد (١) ليس في مجموعه حس عام كما يوجد بين أجزاء الجسد الحي فلا يتحرك بذاته وإرادته ، فحركاته آتية إليه من سبب خارج عنه ، وهو كائن عاقل يتحرك الكون بقوته وإرادته ( راجع دائرة المعارف تأليف محمد فريد وجدي ـ المجلد الأول ص : ٥٠٠ ).
ثانيا : ـ يقول الملحدون بتعبيرا آخر إن الطبيعة والصدفة هما السببان لوجود هذا الكون ، فنقول لهم :
(أ) الطبيعة : كلمة يجب على الناطق بها أن يعين مفهومها ووجودها ، وإذا لم يتحقق ذلك فكيف يحصل الاسم بغير وجود المسمى؟ هل الطبيعة هي
__________________
(١) نشاهد حركته المنظمة وسيرها المنطلق من العلم والتدبير.