بمسكن (١) قال : وفي غزاته هذه استخرج الحجاج بن يوسف ، وكان سبب ذلك أنه كان إذا نزل المنزل لم تنزل الساقة (٢) الى وقت رحلته ، فقال لكعب بن حامد العبسي وهو على شرطته : ابغني رجلا يكفني الساقة وينزلهم بنزولي ويرحلهم برحيلي ، فقال : ان في الشرط لرجل من ثقيف ، كثيف الوجه ، له جراءة وإقدام يقال له الحجاج ابن يوسف ، فولاه الساقة ، وكان ينزل بنزول عبد الملك ويرحل برحلته فأعجب به عبد الملك.
قال أبو عثمان أخبرنا يحيى بن فليح أن عبد الملك لما توجه الى مسكن انتشر عليه من حاله ، ولم يستطعه من ولاه الساقة ، فذكر ذاك لروح بن زنباع فقال : والله لقد رأيت غلاما أخلق به ، فلو وليته ، فدعا به فولاه الساقة ، فلما رحل الناس تخلف ثقل روح بن زنباع وأمرهم بالرحيل فتلكؤوا فأمر بعقر دوابهم ، فلما بلغ ذلك روحا أتى عبد الملك ثم قال : ما أصبنا من صاحبك ، ثم أخبره بما صنع وضبط الساقة فلم يكن يتخلف أحد (٢٠ ـ ظ).
قال : ومنهم من قال : كان هذا في سنة اثنتين وسبعين ، قال : وفيها دخل عبد الملك الكوفة فوجه منها الحجاج بن يوسف الى ابن الزبير بعد هزيمة مصعب ، وقال : ثم كانت سنة اثنتين وسبعين فكان فيها محاصرة الحجاج ابن الزبير وقطع المواد عنه وأقام الحج للناس الحجاج ولم يطف بالبيت ، منعه ابن الزبير من ذلك.
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله الاسدي عن الحافظ أبي القاسم بن أبي محمد قال : أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد قالت : أخبرنا أبو طاهر بن محمود الثقفي قال : أخبرنا أبو بكر المقري قال : أخبرنا أبو الطيب الزراد قال : حدثنا عبيد الله بن سعد قال : قال أبي قال : ودخل عبد الملك الكوفة وبعث منها الحجاج بن يوسف الى عبد الله بن الزبير ، ورجع عبد الملك الى دمشق فحج الحجاج على الموسم سنة اثنتين وسبعين ، فلم يطف بالبيت وحاصر ابن الزبير قريب من سبعة أشهر ، وقطع عنه المواد ، وحج بالناس الحجاج سنة ثلاث وسبعين وهو بمكة يومئذ وأمير المدينة
__________________
(١) موضع قريب أو انا على نهر دجيل عند دير الجاثليق. معجم البلدان.
(٢) مؤخرة الجيش.