ابن أبي شيخ عن صالح بن سليمان قال : قال عتبة بن عمرو : ما رأيت عقول الناس إلّا قريبا بعضها من بعض إلّا الحجاج وإياس بن معاوية ، فان عقولهما (٢٧ ـ ظ) كانت ترجح على عقول الناس (١).
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي ، قال : أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور المروزي ، قال : أخبرتنا فاطمة بنت أبي حكيم المؤدب قالت : أخبرنا علي بن الحسن بن الفضل الأديب قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن خالد قال : أخبرنا علي بن عبد بن العباس الجوهري قال : حدثنا أحمد بن سعيد الدمشقي قال : حدثنا الزبير بن بكار قال : حدثني علي بن صالح قال : وخطب الحجاج أهل العراق بعد دير الجماجم فقال:
يا أهل العراق ان الشيطان قد استبطنكم فخالط اللحم والدم والاسماع والاطراف والاعضاء والشغاف ، ثم أفضى الى الامخاخ والأسماخ ، ثم ارتفع فعشعش ، ثم باض وفرخ فحشاكم شقاقا ونفاقا ، وأشعركم خلافا ، اتخذتموه دليلا تتبعونه وقائدا تطيعونه ، ومؤامرا تستشيرونه ، فكيف تنفعكم تجربة ، أو تعظكم موعظة ، أو يحجزكم اسلام ، أو يردكم تبيان ، ألستم أصحابي بالاهواز حيث رمتم الكفر وسعيتم بالغدر واستجمعتم للمكر ، وظننتم أن الله يخذل دينه وخلافته وأنا أرميكم بطرفي وأنتم تسللون لو اذا وتنهزمون سراعا ، ثم يوم الزاوية وما يوم الزاوية بها كان فشلكم وتسارعكم ، وبراءة الله منكم ونكوص وليكم عليكم ، اذ وليتم كالإبل الشوارد الى أعطانها ، النوافر الى أوطانها ، لا يسأل المرء عن أخيه (٢٨ ـ و) ولا يلوي الشيخ على بنية ، حتى عضكم السلاح وتقصفت فيكم الرماح ، ثم يوم الجماجم بها كانت المعارك والملاحم (٢).
ضرب يزيل الهام عن مقيله |
|
ويذهل الخليل عن خليله |
يا أهل العراق الكفرات بعد الفجرات ، والغدرات بعد الخترات ، (٣) والغزوات
__________________
(١) ترجم ابن عساكر للحجاج بشكل مطول ومع ذلك لم أقف على هذين الخبرين في ترجمته ، هذا وكانت العرب تضرب المثل بذكاء اياس بن معاوية.
(٢) من أيام ثورة ابن الأشعث ـ انظر كتابي «تاريخ العرب والاسلام» : ١٦٧ ـ ١٧٥.
(٣) الختر : الغدر. النهاية لابن الاثير.