(صلّى الله عليه وسلّم) : «باسم الله» ثمّ أكل ، فنظر عدّاس إلى وجهه ثم قال : والله إنّ هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلدة! فقال النبي (صلّى الله عليه وسلّم): «من أيّ البلاد أنت يا عدّاس وما دينك»؟ قال : أنا نصراني من أهل نينوى ، فقال له النبي (صلّى الله عليه وسلّم) : «أمن قرية الرجل الصالح يونس بن متّى»؟ قال : وما يدريك ما يونس ابن متّى؟ قال : «ذاك أخي كان نبيّا وأنا نبي» فانكبّ عدّاس حتى قبّل رأس النبي (صلّى الله عليه وسلّم) ويديه ورجليه ، فقال له ابنا ربيعة : لم فعلت هكذا؟! فقال : يا سيدي ما في الأرض خير من هذا ، أخبرني بأمر ما يعلمه إلّا نبي. ثم انصرف النبي (صلّى الله عليه وسلّم) حين يئس من خير ثقيف ، حتى إذا كان ببطن نخلة قام من الليل يصلي فمرّ به نفر من جنّ أهل نصيبين ، وكان سبب ذلك أنّ الجنّ كانوا يسترقون السمع ، فلمّا حرست السماء ورموا بالشهب قال إبليس : إنّ هذا الذي حدث في السماء لشيء حدث في الأرض ، فبعث سراياه ليعرف الخبر ، أوّلهم ركب نصيبين وهم أشراف الجن إلى تهامة ، فلمّا بلغوا بطن نخلة سمعوا النبي (صلّى الله عليه وسلّم) يصلّي صلاة الغداة ببطن نخلة ويتلو القرآن ، فاستمعوا له وقالوا : أنصتوا. (١)
(فَلَمَّا قُضِيَ)
حين انتهى الرسول من قراءته ..
(وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ)
__________________
(١) تفسير القرطبي / ج (١٦) ـ ص (٢١٠ ـ ٢١١). وما نقله القرطبي قد يتعارض مع ظاهر الآيات التالية. من أن إبليس قد بعث بسراياه ليعرفوا ما الخبر من حراسة السماء. لأنهم أولا : وكما أكدت الآيات التالية انهم مؤمنون بموسى (ع). وهذا يتناسب والآية (١٠) من ايمان بعض علماء بني إسرائيل بالنبي (ص) ، وثانيا : هذه الحادثة (أي إرسال إبليس لسراياه ليعلموا ما الخبر) ذكرها المفسرون في بعثة النبي (ص) وبعض ذكرها في مولده الشريف (ص).