إذا أظهروا توبتهم ، ووطنّوا أنفسهم على خوض الجهاد تحت رايتها ، لأنّ قبول هذه النوعية من دون امتحان عسير يثبت صدقها قد يكلّف الحركة الرسالية الكثير ، لو أنّهم عادوا لطبيعتهم الانهزامية وانشقّوا وشقّوا عصا الطاعة في موقف خطير أو مهمّة حاسمة يكلّف التمرّد فيهما أضعاف ما يكلّفه التمرّد في الظروف العادية.
بينات من الآيات :
[١٥] (سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها)
وقد تمرّدوا من قبل على أمر القيادة ، وتخلّفوا عن المسير معكم ، لا لأنّهم اكتشفوا خطأ في خط الرسالة ، بل لأنّهم التحقوا به التحاقا مصلحيّا ، وحيث ظنّوا ـ مجرّد ظن ـ بأنّ المسير الى مكّة يعني الابادة ، فهو خال من المصالح ، نكصوا على أعقابهم ، أمّا الآن والمسلمون يسيرون الى فتح مؤكّد في نظرهم ـ وهو غزوة حنين حسب بعض التفاسير ـ فإنّهم يحاولون بكلّ طريق العودة الى صفوف الجيش الاسلامي ، ولكن ليس من باب التوبة وإنما المصلحة.
(ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ)
وقد حذّرهم الله من عواقب التخلّف عن نصرة رسوله (ص) ، وأنّه سوف يعذّبهم ، ويمحوا أسماءهم من قائمة المقاتلين المؤمنين ، لأنّ المقاتل المؤمن هو الذي يتبع أوامر قيادته في كلّ مكان وأي زمان ، وحيث نكصوا جزاهم الله بذلك ، وهم الآن يسعون لتبديل ما حكم الله به.
(يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ)
ولكن هذا الحكم الشرعي تابت لا يتغيّر ، وهو أنّ من يتمرّد على القيادة الرسالية في الظروف الصعبة ينبغي أن يطرد من صفوف المقاتلين.