[١٢] ويسقط المكذّبون من حسابهم حقيقة الجزاء ، فلا يشعرون بالمسؤولية ، ممّا يجعل حياتهم عبثية ، بعيدة عن الضوابط والكوابح ، هائجة في غمرات اللهو واللعب.
(الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ)
وهذا التعريف لشخصية المكذّبين يهدينا الى حقيقتين هامتين :
الأولى : إنّ المكذّب ليس الذي يقول ببطلان الرسالة الاسلامية وحسب ، بل هو كلّ إنسان لا يتحمّل المسؤولية في الحياة.
الثانية : إنّ المكذّبين إنّما يكذّبون بالرسالة من أجل التهرّب من تحمّل المسؤولية ، أو ليست الرسالة تدعو الى الجدّ والجهاد والإنفاق و.. و.. ، إذن فليكفروا بها لكي لا يتحمّلوا شيئا من ذلك! ولكن أين المفرّ من عذاب الله؟
[١٣] ولأنّ الحديث عن هؤلاء الفريق من الناس فإنّ جرس الخطاب يأتي عنيفا وغليظا.
(يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا)
والدعّ ربما يكون الدفع بعنف وجفوة وتكرار ، وقد يؤيّده قوله تعالى : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ* فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) (١) ، ولعلّ احتمال شمول كلمة «الدع» لمعنى التكرار يأتي نصّا من وجود المفعول المطلق الجنس لا المفرد ، فلم يقل الله : ويدعّون دعّة ، إنّما قال «دعّا» ، ولعلّ المكذّبين يحاولون يومئذ الخلاص من جهنم لعظيم عذابها ، فلا يتقدّمون إليها ، فيدفعون نحوها مكرهين المرة بعد
__________________
(١) الماعون / (١ ـ ٢).