قد يكون القرآن يقصد هنا نجما معيّنا أخبر المسلمين بسقوطه في المستقبل ، كما تشير الروايات إلى ذلك ، ولكنّنا بالنظر إلى الظاهر وإلى الهدف من وراء هذا القسم نستطيع اعتباره شاملا لكلّ نجم ، وإنّما عرّف الله المقسم به ب (ال) لأنّه أبلغ من التنكير في القسم كما قيل ، ولكن لماذا يقسم القرآن بالنجم حين يهوي؟
أولا : ربما لأنّ الكثير من الناس كانوا يعتقدون بأنّ النجوم ثابتة لا تتغيّر ، وقد اتخذها بعضهم آلهة من دون الله ، وسقوطها أبطل هذا الإعتقاد الضال.
ثانيا : قد لا يكون المقصود من الهوي السقوط والانتشار ، كما في قوله تعالى : (وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) (١) ، (وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ) (٢) كعلامة ليوم القيامة ، وإنّما الميل إلى طرف من الأفق ، الأمر الذي يجعله أفضل هداية وتعريفا للإنسان بالطريق.
[٢] وكما أنّ النجم رمز للهداية فإنّ الرسول (ص) هو علم رفيع لهداية البشرية ، كما قال الإمام علي (ع) : «ألا إنّ مثل آل محمّد (صلّى الله عليه وآله) كمثل نجوم السماء ، إذا خوى نجم طلع نجم» (٣) ، ولكنّ الرسول (ص) يختلف عن النجم في أنّ دلالته وهدايته للناس تبقى قائمة في رسالته وسيرته حتى بعد موته ، أمّا النجم فإن دلالته تنتهي بهويه ، كما يقول الإمام علي (ع) : «أيّها الناس حذوها من خاتم النبيين (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : إنّه يموت من مات منّا وليس بميّت ، ويبلى من بلي منّا وليس ببال» (٤) ، وأولى بالعاقل أن يتبع هدى الرسول الذي يتبع الحق ، ولا يكذب أهله ، لا أن يتبع ظنون نفسه ، ولا تخرّصات
__________________
(١) التكوير / ٢
(٢) الإنفطار / ٢
(٣) نهج البلاغة / خ ١٠٠
(٤) نهج البلاغة / خ ٨٧