فاما إذا نزل في سلم أو درج فلا يقال أهوى ولا هوى ، وحيث حل أجلهم عمّهم العذاب المهول من كل صوب.
(فَغَشَّاها ما غَشَّى)
أصحيح ان الله يعذبنا بنار جهنم تلك النقمة الكبرى التي لا تحتملها السماوات والأرض والجبال. أو ليس ربنا الرحمن الذي تجلت في كل شيء آيات رحمته الواسعة. يتساءل البعض ويقول لا .. انا لا أصدق ان الله يعذبني ولم أعهد منه في الدنيا إلّا كل نعمة؟ بلى وهذه شواهد تعذيبه في الدنيا للأمم التي ناهضت الحق وتحدت رسله. ان الله واسع الرحمة ولكنه أيضا شديد العذاب.
ولعله لذلك يذكرنا الرب ، بين الفينة والاخرى ـ بعذابه العظيم الذي حل بالأمم السابقة حتى ينقض الشك باليقين ان وعيد الله العاصين بالعذاب ليس ضربا من الوهم والتخويف المجرد بل هو واقع وقد حدث فعلا يشهد بذلك التاريخ البشري وما تقدم بعض شواهده.
[٥٥] إنّ عبر التاريخ المرعبة هي من الآيات الالهية الجديرة بان ترفع حجب الشك والمراء عن قلب الإنسان الذي يتفكر فيها ويتبع هداها.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى)
الآلاء هي الآيات. يدل على ذلك قوله في سورة الرحمن «فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ» (١). والتماري هو الشك المتوالي أو ترامي الشك من البعض الى الآخر ، ذلك لان الشاك في مثل هذه القضايا المصيرية والعامة لا يدع شكه في قلبه بل يلقيه على من هو مثله ويتلقى منه الشك أيضا ، وينبغي مواجهة كل ذلك بتلك الآيات
__________________
(١) سورة الرحمن / ١٣