المتوالية.
[٥٦] ان من أعمق مشاكل الإنسان انه يستبعد عن نفسه العذاب الالهي وهو يمارس الضلال ، أما لشكه في قدرة الله كاليهود الذين قالوا يد الله مغلولة ، أو لرجائه غير المنطقي في رحمته ، والقرآن يذكر عواقب الأمم الذين ضلوا وكذبوا بالحق ويضعها بين أيدينا نذرا لعلها ترد عنا عن الباطل.
(هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى)
وقيل ان المعني بالنذير هنا هو الرسول الأعظم (ص) الذي يمثل امتدادا للأنبياء ، فكما ان هودا وصالحا ونوحا ولوطا عليهم السلام انذروا اقوامهم ، فان محمدا (ص) هو الآخر نذير مثلهم ، قال الصادق (ع) وقد سئل عن معنى الآية : «يعني محمدا (ص) حيث دعاهم الى الإقرار بالله في الذر الأول» (١).
ولقد أهلك الله الأقوام السابقة لأنهم كذبوا أنبياءهم والحق الذي جاؤوا به ، ويكفي بذلك نذيرا لنا ما دامت سنن الله في الأولين هي سننه فينا وفي اللاحقين الى يوم القيامة.
[٥٧ ـ ٥٨] وتبقى القيامة أبلغ النذر وآخرها وأعظمها ، والقرآن يؤكد حدوث القيامة في المستقبل القريب جدا فحتى إذا بقيت من القيامة الكبرى ٥٠٠ مليون عام فانه يمثل واحدا من ثلاثين أو حوالي ٣ خ من دورة واحدة لهذا الكون التي تبلغ حسب بعض التقديرات العلمية ١٥ الف مليون عام ، كيف ولعله لم يبق حتى قيام الساعة ذلك اليوم الرهيب الذي أشفقت منه السماوات والأرض إلّا بضعة ألوف من السنين وربما أقل ومن يدري؟ أو ليس علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلّا هو؟
__________________
(١) نور الثقلين ج ٥ ص ١٧٣