ولان هذا الفريق من العباد خافوا ربهم في الدنيا استحقوا أمنه وجناته في الآخرة.
قال رسول الله (ص) : «قال الله تبارك وتعالى : وعزتي وجلالي لا أجمع على عبدي خوفين ولا أجمع له أمنين ، فاذا أمنني في الدنيا أخفته في الآخرة يوم القيامة ، وإذا خافني في الدنيا آمنته يوم القيامة» (١) وهؤلاء يستحون من ربهم ، ويخافون شهوده في السر والعلانية ، والجنتان التي يعطيها الله لهم هي في مقابل العذابين (جهنم والحميم) اللذين يطوف بينهما المجرمون.
قال البعض : ان هؤلاء هم أرفع المؤمنين درجة ومقاما ، حيث لا يرقى الأدنى الى منزلة الأرفع فان الله أعطاهم جنتين ، جنة تخصهم وأزواجهم ، وجنة يستقبلون فيها المؤمنين كدار للضيافة ، وقال قائل : الجنة الأولى داخل بيته والثانية خارجه ، وقال آخرون : ان الأولى جزاء أعمالهم والاخرى زيادة وفضلا من عند الله ، وقيل : ان الأولى جزاء أعمالهم وسلوكياتهم ، والثانية جزاء ما انطوت عليه قلوبهم من العلم والمعرفة ، ونفوسهم من الإيمان والتصديق ، والذي يظهر من عموم القرآن ان للمؤمنين أكثر من جنتين قال تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) (٢).
وقوله : «جَنَّتانِ» يخص بالذكر اثنتين تتميزان عن سائر الجنات ، وهما جنة عدن وجنة الفردوس ، أو جنة عدن والنعيم ، أو هي الخلد والمأوى.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ ص ١٩٦
(٢) النساء / ١٣