بعد بيان مقام الخائفين من مقام ربهم يطرح القرآن هذا التساؤل ، ربما ليقول لنا بان السبل مشرعة للجميع لو أرادوا الوصول الى هذه المنزلة الرفيعة ، لأن الله لم يجعلها حكرا على أحد ، ولكن يشترط أن لا يكذب بآلاء ربه ، فذلك يحرمه منها.
[٤٨ ـ ٤٩] ويشوقنا الوحي الى تلك الجنتين ، إذ يرينا صورا رائعة عنهما ويكتسب التشويق أهميته من كونه إذا تفاعل معه السامع ، وصدق به ، يتحول الى ما يشبه الوقود في داخل الإنسان ، يدفعه بفاعلية قوية وعميقة الى العمل على تحقيق الغاية المطلوبة منه.
والبشر يخشى الاجرام ويتجنبه مرّة لأنه يؤدي الى جهنم ، ومرة لأنه يخسر الإنسان قربه من ربه وثوابه الجزيل.
(ذَواتا أَفْنانٍ)
اشارة الى صفتين لتينك الجنتين ، إحداهما : كثرة الأغصان ، والعرب تقول للغصن فنن وجمعه أفنان ، وهي لا شك تدخل على النفس البهجة والسرور ، بالنظر الى خضرتها وكثافتها ، وكثرة الأغصان تدل على نوع معين من الأشجار غير ذات السوق كالنخل ، والشجر تلك تكون أكثر استيعابا للثمر ، كما انها تلقي بظلها على ألأرض ليجد المؤمنون لذة الجلوس في الظلال ، «مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً* وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً» (١) «هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ» (٢) والصفة الثانية : التنوع ، قال صاحب المنجد : أفنان ، وفنون ، وأفانين : الضرب من الشيء أو النوع (٣).
__________________
(١) الإنسان / ١٢ ـ ١٤
(٢) يس / ٥٦
(٣) راجع معنى (فنن) المنجد.