وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (١).
وحتى يتجاوز الإنسان هذا الشرك الذي يقوده الى التكذيب بآيات الله ، يجب أن ينظر الى الأمور ، وبالذات الحقائق الكبيرة من خلال الايمان بقدرة الله المطلقة ، (ما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) (٢).
[٥٤ ـ ٥٥] بلى. ان الجنة حق ، كما الوجود حق ، وكما الموت حق ، والذين يدركون هذه الحقيقة ببصائرهم ، وينفذ نور الايمان بالله الى كل ابعاد قلوبهم ، فإنهم لا يعرفون وقفة عن العمل الصالح ، والكلم الطيب حتى الرمق الأخير ، انهم صيح بهم فانتبهوا ، وعلموا ان الدنيا ليست لهم بدار فاستبدلوا ، وما تركوا لحظة تمر عليهم من ليل ولا نهار ، إلّا ازدادوا فيها ايمانا وعملا في سبيل الله ، لأنهم أدركوا بان الحياة الدنيا فرصة محدودة يخسرها من يغفل عنها.
وإليك برنامجهم في الحياة عن لسان أميرهم وسيدهم الامام علي (ع) :
«أما الليل فصافون أقدامهم ، تالين لأجزاء القرآن ، يرتلونها ترتيلا ، يحزنون به أنفسهم ، ويستثيرون به دواء دائهم ، فاذا مرّوا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا ، وتطلعت نفوسهم إليها شوقا ، وظنوا انها نصب أعينهم ، وإذا مرّوا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم ، وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم ، فهم حانون على أوساطهم ، مفترشون لجباههم وأكفهم وركبهم ، وأطراف أقدامهم ، يطلبون الى الله تعالى في فكاك رقابهم ، وأما النهار فحلماء علماء ، أبرار أتقياء ، قد براهم الخوف بري القداح ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى ، وما بالقوم من مرض ويقول : لقد خولطوا!
__________________
(١) الزمر / ٦٨
(٢) الحج / ٧٤