يقول : لا بشيء من آلائك رب أكذب ، ويعمل على تحقيق ذلك في حياته ، ثم لما ذا يكذب بها وهو يعلم ان ذلك النعيم لا ينال إلّا بالتصديق؟!
[٧٦] لان المؤمن يشتري راحة الآخرة بتعب الدنيا لعلمه بان الذي يتخلف عن الحق هنا للراحة لا يجدها في الآخرة ، أما المؤمنون وقد رهنوا أنفسهم للحق ، وأجهدوها من أجله فإنهم يجلسون في غاية الراحة.
(مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ)
جاء في المنجد : الرف : ما تهدل من الشجر والنبات ، وكل ما فضل فثني ، والرقيق من ثياب الديباج ، وهي خرقة تحاط في أسفل الفسطاط (والخيمة) والعرب تقول : ضربت الريح رفرف الفسطاط أي ذيله ، وهو ما تدلى من الدرع ، ورفرف الدرع زرد يشد بالبيضة يطرحه الرجل على ظهره (١) وقالت العرب لكل ثوب عريض رفرف ، والذي يجمع هذه المسميات انها ترف بفعل الريح أو الحركة ، ولعل الرفرف المعني في الآية هي الوسائد والمساند المصنوعة من الديباج ، والغير محشوة كثيرا ، فهي ترف كلما اتكأ عليها ، بل الحرير يرف لرقته ونعومته كلما حرك أو ضربته الريح ، أما العبقري فهي : البسط الموشاة بالحرير ، وتقول العرب للثياب الحرير المصنوعة بدقة وإبداع عبقريات ، مبالغة في حسنها ، ويقال للإنسان : عبقري إذا تفتق عقله ، وتفجرت مواهبه بما هو فوق المألوف ، وربنا لم يقل : «عَبْقَرِيٍّ» وحسب بل أضاف إليها صفة «حِسانٍ» مبالغة في حسنها ، كما وصف الرفرف باللون الأخضر لأنه أجمل ما يمكن أن تكون عليه الوسائد لونا.
[٧٧] (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
__________________
(١) المنجد مادة (رف) بتصرف