الإطار العام
إنّ فلاح الإنسان في الحياة ينطلق من وعيه بحقائقها ومعايشتها ، وأخذها بعين الإعتبار عمليّا بأخلاقه وسعيه ، ومع أنّه مطالب بوعي مختلف الحقائق ، إلّا أنّ الأمر يكون أشدّ ضرورة وأهمية بالنسبة للحقائق الكبرى ذات الأثر الحاسم في حياته ومصيره. (والواقعة) هذه السورة المكّية التي نستقبل آياتها تذكرنا بواحدة من أعظم الحقائق وأخطرها بالنسبة للإنسان وهي الساعة التي إذا وقعت تطبع آثارها على كل ذرة في الدنيا ، فالأرض والجبال تستحيل هباء منبثا ، وتنطوي صفحة هذه الحياة التي خلقت لابن آدم ، لتفتح صفحات الحياة الآخرة في فصول أوّلها هلاك هذا الوجود بما فيه من البشر ، وآخرها الجزاء الذي يمتازون فيه ، وبينهما البعث والحساب.
فبقدر حضور الواقعة في وعي الإنسان ومعايشتها عمليا تكون منزلته هناك ، فامّا مع السابقين من الأبرار في أعلى علّيّين ، وأمّا مع أصحاب الشؤم وللفجور في أسفل سافلين ، وأمّا بينهما حيث أصحاب الميمنة ، ولكن من أين له الوعي بالواقعة وهي