كما جعلت التذكرة غاية الخلق في قوله سبحانه في هذه السورة :
«وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ» (١).
وهكذا جعل التعقل هدفا في قوله سبحانه :
«وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» (٢).
كما جعل الابتلاء هدفا أساسيا للخلق في آيات عديدة كقوله سبحانه :
«الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً» (٣).
والامتحان بدوره سبيل لتكامل الإنسان ، وتطهيره من الجوانب السلبية التي فيه.
التكامل .. الهدف الأسمى
من خلال البصائر التي ذكرت نعرف : أن تسامي الإنسان في معارج القرب من الله سبحانه هو الهدف الأسمى لخلقه ، ويتمثل ذلك في تحريره من نير العبوديات ، وتطهير قلبه من غلّ الهوى والشهوات ، وتساميه في مدارج المعرفة بالله سبحانه ، والتقرب إليه بالصالحات.
وإذا تسامى الإنسان الى حيث القرب من الله فان رضوان الله وغفرانه ورحماته وسائر نعمائه وآلائه يكون كل ذلك قد سبقته هناك لتشمله ، ومن هو أولى من الله بأن يقري عبده الذي حل بجنابه ضيفا ، ومن هنا جعلت الرحمة هدفا للخلق في آية
__________________
(١) الذاريات / ٤٩
(٢) غافر / ٦٧
(٣) الملك / ٢