كريمة حيث يقول سبحانه :
«وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ» (١).
[٥٧] ولكن الغاية التي نتحدث عنها ليست بمعنى العلّة التي لدينا فنحن إذا فعلنا شيئا فلا بد من علّة تدفعنا إليه ، وغاية نسعى إليها. فالعطش علة الشرب ، والجوع علة الاكل ، والرقة علة العطف ، أما الارواء والشبع والإحسان فهي أهداف وغايات.
وتعالى الله عن أن يكون لفعله سبب يدفعه ، وعلة تجأره ، وتجبره. إنه الغنيّ الحميد ، عطاؤه محض رحمة منه ، وفضله محض إرادة ، لا يبرمه إلحاح الملحين ، وكما جاء في الدعاء :
«تقدس رضاك أن تكون له علة منك فكيف تكون له علة مني. إلهي أنت الغني بذاتك أن يصل إليك النفع منك ، فكيف لا تكون غنيّا عني» (٢).
وان اللام الذي جيء بها في سياق بيان الهدف من الخلق «لِيَعْبُدُونِ» ليس بمعنى : أن الله سبحانه سعى نحو هذه الغاية بهذه الوسيلة ـ وهو الغني بذاته ـ وانما بمعنى : أنه قدّر وقضى ليكون ذلك وسيلتنا اليه ، وطريق سعينا ابتغاء مرضاته ، ومدارج كمالنا في وجودنا ، كما أن الطهارة غاية الوضوء ، وذكر الله هدف الصلاة ، والتقوى نتيجة الصيام ، فان العبادة غاية الخلق ومحتوى ما أمر الإسلام به من واجبات.
__________________
(١) هود / ١١٨ ـ ١١٩
(٢) دعاء عرفة للإمام الحسين (عليه السلام) / المنتخب الحسني / ص ٩٢٥.