العذاب دنيا وآخرة ، ولا يكتشفون هذه الحقيقة التي ذهلوا عنها إلا عند الموت «فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ» (١).
إنّ السعي من قبل الإنسان لتصحيح مسيرته والعمل الصالح يكون مجديا قبل تورّطه في النتائج العملية لأخطائه ، أمّا إذا حلّ به العذاب فلن يجد وسيلة للوقاية عنه ، وبالذات إذا كان عذابا من الله.
(ما لَهُ مِنْ دافِعٍ)
[٩ ـ ١٠] وماذا عسى أن تبلغ قدرة هذا الإنسان الضعيف والمحدود حتى يقدر على تحدّي الله ودفع عذابه؟ أم يحسب أنّه عذاب وغضب يصدر عن إنسان مثله حتى يكون ردّه ممكنا؟ كلّا .. إنّه من الرهبة والعظمة بمكان تمور به السماء مورا على سعتها وسمكها الذي لا تصل إليه عقولنا ، وتسير الجبال المتأصّلة في الأرض عن مواقعها.
(يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً)
أي تتحرك بسرعة هائلة ، ويتداخل بعضها في بعض ، كما يتداخل ماء البحر الهائج في بعضه ، إلّا أن المور هو الحركة السريعة من دون ضوضاء.
(وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً)
وبالتدبّر في القرآن نخلص الى أنّ للجبال يوم القيامة ثلاث حالات عبر مراحل ثلاث متتاليات أيضا ، وهي :
الأولى : الحركة من مكانها والسير ، كما في هذه الآية ، وفي قوله تعالى :
__________________
(١) ق / (٢٢).