(عليه السلام) : «أيّها الناس إنّما بدء وقوع الفتن أهواء تتّبع وأحكام تبتدع .. فلو أنّ الباطل خلص لم يخف على ذي حجى ، ولو أنّ الحق خلص لم يكن اختلاف ، ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معا ، فهنالك استحوذ الشيطان على أوليائه ، ونجى الذين سبقت لهم من الله الحسنى» (١)
ويتمّ استحواذه حينما ينسي الإنسان ذكر ربّه وشهادته عليه ، وعقابه وثوابه وسعة رحمته ، وشدّة عذابه ، وما أشبه ، لأنّ ذكر الله هو الذي يعصم عن الذنب ، ويدفع إلى الطاعة والتوبة ، قال الإمام الصادق (عليه السلام) : «لمّا نزلت هذه الآية : (وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ) صعد إبليس جبلا بمكّة يقال له : ثور ، فصرخ بأعلى صوته بعفاريته فاجتمعوا إليه ، فقالوا : يا سيدنا لم دعوتنا؟ قال : نزلت هذه الآية ، فمن لها؟ فقام عفريت من الشياطين فقال : أنا لها بكذا وكذا ، قال : لست لها ، فقام آخر فقال مثل ذلك ، فقال لست لها ، فقال الوسواس الخنّاس : أنا لها ، قال : بماذا؟ قال : أعدهم وأمنّيهم حتى يواقعوا الخطيئة ، فإذا واقعوا الخطيئة أنساهم الاستغفار ، فقال : أنت لها ، فوكّله بها إلى يوم القيامة» (٢) ، وإذا نسي أحد ذكر الله ليس يبقى على خطئه وضلاله وحسب ، بل ويظل دون منقذ في ربقة الشيطان وأسره يهوي به دركا بعد آخر إلى أسفل سافلين.
(أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ)
في الدنيا لأنّهم يتولّونه ويطيعونه ويتوجّهون حيث يريد ، وفي الآخرة لأنّهم سيصيرون معه في النار ، وهذا تقرير من قبل الله بأنّهم ليسوا من حزبه ، بالرغم من
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ ص ٢٦٧
(٢) بح / ج ٦٣ ص ١٩٧