عن نسبه ، فقال : أنا ابن الإسلام ، ثم تساءلوا : كيف قال ربنا : انهم آمنوا قبل المهاجرين ، أو لم يسبقوهم بالإيمان؟ فأجابوا : بلى. ولكن إنما سبقهم بعضهم ، والتحق بهم آخرون ، إذ أن كلمة «من قبلهم» خاصّة بالإيمان.
ويبدو لي أن المعنى أنهم تبوؤا دار الإيمان ، فيكون معنى الدار التقارن كما لو قلنا : ركبت البحر والريح الهائجة ، أي مقارنا مع هيجان الريح.
وقد اشتهر في الأدب الاسلامي التعبير بدار الإسلام ، ولعله مستوحى من هذه الآية.
فقد جاء في الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) : «والايمان بعضه من بعض ، وهو دار ، والكفر دار» (١).
فيكون المعنى انهم الاسبق الى تكوين التجمع الإيماني المتكامل.
(يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ)
ونستوحي من الآية أنه إذا انتصر المؤمنون في بلد ، وكوّنوا المجتمع الإسلامي فلا يعني أن الذين في تلك البلاد من المسلمين أفضل من غيرهم ، ولا يجوز أن يستأثروا بالمكاسب ، أو يفرضوا وصايتهم على غيرهم ، كلا .. فكل ما عند المؤمنين حتى أنفسهم ملك للإسلام ولأهله ، الذين هم إخوانهم ، وينبغي لهم أن لا يأخذهم غرور الإنتصار ، أو العجب بالنفس ، بل يفعلون كما فعل الأنصار ، فلقد بلغ بهم الإيمان والحبّ لإخوانهم أن آثروهم على أنفسهم ، لأنهم انتموا للإسلام ابتغاء فضل الله ورضوانه وليس بحثا عن المكاسب الماديّة ، ولأنهم يقدرون ظروف إخوانهم المهاجرين ، حيث ضحّوا بأموالهم وبيوتهم ومستقبلهم
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ ص ٢٨٤