المجتمع آنذاك ، كما أنّ عيسى ـ عليه السلام ـ بشر بقيادة الرسول (ص) ولكنّ الكفار والمشركين من الناس رفضوا التسليم له ، ثم إنّ القرآن يؤكّد بأنّ الله سوف يتمّ نوره رغما على الكفّار والمشركين الذين يسعون لإطفائه. ولا ريب أنّ القيادة الرسالية مشكاة نور الله ووحيه ، والتي لا يحصل الإنسان على الكمال الإلهي إلّا بالتسليم لها.
بينات من الآيات :
[٨ ـ ٩] (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ)
والنور لا يطفؤه نفخ الإنسان عليه ، فكيف إذا كان ينبعث من عند مليك السماوات والأرض؟ وهذا التعبير من بلاغة القرآن وبديعه في تقريب المعنى إلى ذهن المتدبر. وكلمة الأفواه يستخدمها القرآن للدلالة على الكلمات الكاذبة التي لا تنطلق من القلب ولا تملك رصيدا من الواقع ، كالثقافات الجاهلية والدعايات المضلّلة التي تبثّها أجهزة الاعلام الطاغوتية ضد الحق ورموزه وأتباعه.
وقد اختلف أقوال المفسرين في بيان مصداق النور الإلهي ، فقال بعضهم : إنّه الرسالة المتمثلة في القرآن وسائر كتب الله ، وقال آخرون : إنّه الرسول (ص) ، كما أوّلته بعض روايات أهل البيت في الإمامة وصاحب الأمر ـ عجل الله فرجه ـ ، والذي يظهر لي أنّ الحقائق الكبرى تتواصل فيما بينها ، فمثلا العقيدة بالتوحيد مبعث للعقيدة بالعدل ، وهذه تبعثنا نحو الإيمان بالآخرة ، وكلّ هذه الحقائق تتركّز في الإيمان بالولاية ، وهكذا يحدّثنا الكتاب عن الحقائق الكبرى بلا فصل بينها ولا تمييز ، ممّا نجد لها أكثر من مصداق ، فمثلا عند ما يأتي في القرآن ذكر لحبل الله أو نور الله فإنّنا نجد له أكثر من مصداق ، فحبله كتابه ، وكذلك القيادة التي تمثّل امتداده في المجتمع ، لا ينفصل أحدهما عن الآخر ، ولا يؤدي دوره العملي بتمامه