فسّروا ظاهرة الشهب والنيازك ، ومضى القول : (نجمي لا يوافق نجمك). والقرآن يشير إلى تلك التصوّرات ويصححها حين يقول تبارك وتعالى :
(وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ)
وهي النجوم التي تعتبر لأهل الأرض قناديل الليل ، إذ تهتدي بها السفن التي أضلّتها العواصف عن مسارها وتضيء درب الراعي الساري بغنيماته ليلا في صحراء بعيدة ، كما تناغي المستلقي تحت السماء في الليالي الصافية. ولكنّ متانة الخلقة تربط بين تلك الزينة والإضاءة وبين حراسة السماء في تلك النجوم ، فهي كما تزيّن السماء وتضيء لأهل الأرض كذلك تقصف الشياطين رجما فلا يستطيعون العبث بمقدّرات الكون ، ولا حتى استراق السمع لمعرفة تلك المقدّرات.
(وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ)
وهذه الآية تنسف زعم الجاهلين بأنّ الشياطين قوى خارقة وعالمة بأقدار الله لأنّها تخترق السماوات وتصل إلى الأعلى ، الأمر الذي جعل البعض يشرك بهم ، ويتبعون الكهنة باعتبارهم وسائط بين الشياطين وبين الآدميين ، فإنّ النجوم ليس كما يتصوّرون بل هي زينة ومصابيح ورجوم ، وإنّ الشياطين ليسوا كذلك لأنّهم يرجمون.
ولعلّ هذه الآية تؤكّد متانة النظام الكوني وهيمنة الله من زاويتين :
الأولى : أنّ ما نراه من الشهب والنيازك ليست مجرّد قطع تنفصل عن مدار بعض النجوم والشموس في الفضاء نتيجة عوامل وقوانين فيزيائية بحتة ومن دون هدف ، إنّما تنفلت من مواقعها بإرادة الله ولأهداف محدّدة من بينها رجم الشياطين.