ومشيئته سبحانه ، فإذا منع رزقه عنهم رزقتهم ، وإذا غار ماؤهم جاءتهم بماء معين غيره .. ويعالج القرآن هذا الضلال (الغرور والعتو والنفور) ببصيرتين :
الأولى : بصيرة التوحيد ، وأنّ الله وحده الذي بيده الأمر والقدرة التامة ، ويذكّر القرآن بهذه الحقيقة بصورة تكون فيها آيات الدرس الأخير من سورة الملك تفسيرا لآية محورية في السورة هي الآية الأولى : (تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)».
الثانية : حقيقة البعث والجزاء ، ذلك أنّ جزء كبيرا من شرك الإنسان وعدم إحساسه بالمسؤولية نتيجة لكفره بالآخرة أو شكّه فيها ، فلا بد أن يعلم بأنّه منشور محشور. وعند ما يذكّر القرآن بهذه الحقيقة يعيدنا إلى آية محورية أخرى في السورة هي الآية الثانية : (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً).
بينات من الآيات :
[١٥] لم يكن الناس يعرفون في عصر نزول القرآن أبعاد نعمة الحياة على الأرض كما يعرفون اليوم ، وأنّ الأرض تختلف من جهات كثيرة عن سائر الكواكب الأخرى من حيث القوانين الطبيعية التي تحكمها ، فجاء القرآن ليفتح أفقهم على معرفة هامة وهي : أنّ الكوكب الذي يعيش على وجهه كسائر الكواكب الأخرى يشبه كرة تدور في هذا الفضاء الرحب ولكنّه يختلف عنها في كونه مهيّأ من جميع الجوانب لحياته عليه. وكان حريّ بالإنسان وهو ينشد غزو الفضاء وركوب الكواكب الأخرى أن ينطلق من هذه الآية الكريمة.
أمّا هدف القرآن من بيان هذه الميزة للأرض التي نعيش فوقها فليس أن يضيف إلى العلم معرفة وحسب ، بل هنالك هدف أبعد من ذلك .. ومن دونه لا