اكتشفوا خطأهم فتابوا إلى ربهم (قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) بل قالوا : إنّنا تجاوزنا الحدّ فطغينا. وإنّنا نجد في هذه القصة دعوة للمترفين إلى التوبة والحذر من مغبّة الافتتان بزينة الدنيا لأنّ ذلك ينتهي إلى عذاب الدارين.
بينات من الآيات :
[١] اختلفت أقوال المفسرين في معنى «ن» فقائل أنّها الحوت لقوله تعالى في هذه السورة : (وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ) وقوله : (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً) (١) ، وقائل أنّها اللوح المحفوظ الذي كتبت فيه الأقدار الإلهية ، وروي ذلك مرفوعا إلى النبي ، حيث ذكر أنّه لوح من نور ، واستدلوا من الآية على هذا الرأي بذكر القلم ، وقيل : هي الدوات التي منها يأخذ القلم مداده ، وفي الدّر المنثور والتفسير الكبير أنّها إشارة لاسم الرحمن باعتبارها من حروفه ، وقيل : هي من أسماء رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
وقد سئل الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ عن «ن» ما هي؟ فقال : ... وأمّا «ن» فكان نهرا في الجنة ، أشد بياضا من الثلج ، وأحلى من العسل ، قال الله تعالى عزّ وجلّ له : كن مدادا ، فكان مدادا (٢) ، والذي أعتقده بالإضافة إلى ما سبق وأن بيّنا في شأن الحروف القرآنية المقطّعة أنّ تفسير «ن» يتسع لبعض ما ذهب إليه المفسرون ، ولكن يبقى علمه عند الله والراسخين فيه لما علّمهم إيّاه من المعاني والتأويلات.
واختلف في القلم ما هو؟ فقالوا : إنّه القلم الذي يكتب أقدار الله في اللوح المحفوظ ، قال الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ (يعني الله): ثم أخذ شجرة
__________________
(١) الأنبياء / ٨٧.
(٢) نور الثقلين / ج ٥ ص ٣٨٨.