الغنى ، أو تبطره النعم.
[٧] ثم يبيّن السياق موقف الكفّار الأساسي الذي انشطر عنه الاستكبار والكفر والتولّي ، وهو عدم إيمانهم بالآخرة ، وطبيعي أنّ من يكفر بالجزاء لا يبالي بتحمل المسؤولية.
(زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا)
للجزاء بعد الموت ، والزعم هو مجرّد الادّعاء الذي لا يقين للإنسان به ، وحيث أنّ الكفّار لم يجدوا دليلا ينفي الآخرة باعتبارها حقيقة واقعية فطرية فإنّهم لجأوا إلى تأكيد زعمهم بكلمة «لن» تبريرا لكفرهم بالحقائق ، ولكن القرآن يكذّب زعمهم بالتأكيد على البعث والحساب ومن ثمّ على الجزاء إذ يقول تعالى يخاطب رسوله ـ صلّى الله عليه وآله ـ :
(قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ)
وفي هذه الآية تأكيدات عديدة وذلك في مواجهة زعمهم الباطل ، فالتأكيد اللفظي يواجه بتأكيدات في الكلام أقوى منه. وأمره تعالى الرسول ومن خلال ذلك كل مؤمن يواجه شبهات الكفار «قل» لا يعني مجرد الدعوة للقول بل هو دعوة لاتخاذ موقف مضاد ، إذ أنّ القول هو ما يحكي إيمان الإنسان ، والمؤمن مكلّف أن يحكي إيمانه بالآخرة موقفا صريحا يتحدى موقف الاستهزاء والإنكار. ثم إنّهم نفوا البعث بينما نجد السياق يؤكّده ويضيف بالتأكيد على الجزاء لأنه محور القضية ، فهم زعموا أن لا بعث حتى يتحلّلوا من المسؤولية ، بينما القرآن أكّد أنّ إنكارهم البعث لا يخفّف عنهم من العذاب شيئا ولا يهوّن لهم من المسؤولية أمرا.
وفي خاتمة الآية إشارة إلى أهمّ عقبة نفسية عند الكفّار أمام إيمانهم بالآخرة