متفضلين على من أعطوا ، بل يشعرون في أنفسهم أنّ ذلك «حق» واجب عليهم أداؤه ، ممّا يبعدهم عن الرياء والمنّ والأذى. ثم أنهم من الناحية الاقتصادية متوازنون في إنفاقهم ، فهم لا يسرفون ولا يقترون ، بل يقدمون على مواقف وخطوات مدروسة قائمة على الحسابات الدقيقة .. فإنفاقهم كما يصف «معلوم» مدروس ومخطّط ومحدّد.
الثالثة : التصديق بالآخرة.
(وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ)
قال العلّامة الطبرسي : يؤمنون بأنّ يوم الجزاء حق لا يشكّون فيه (١) ، وفي الكشّاف : تصديقا بأعمالهم واستعدادا له (٢). وسمّيت الآخرة «يوم الدين» لأنّها يوم الجزاء وفيها الميزان ، ولأنّ الحاكمية المطلقة فيها لدين الله عزّ وجلّ. وإذا كانت الدنيا صولات وجولات بين الحق والباطل فإنّ الآخرة دولة مطلقة للحق. وتصديق المصلين بذلك اليوم وما فيه من الحقائق تصديقان : تصديق القلب بالإيمان واليقين الراسخ أنّ الآخرة حق واقع ، وتصديق الجوارح بالعمل والسعي الصالح ، الذي يكون مصداقا للإيمان ، ودليلا على صدق مدّعيه. وقد أعطى الإسلام لهذه الكلمة مفهومها الحقيقي الشامل حينما اعتبر كلّ صالحة وحسنة صدقة ، قال رسول الله (ص): «كلّ معروف صدقة إلى غنيّ أو فقير» (٣) ، وقال (ص): «تبسّمك في وجه أخيك صدقة ، وأمرك بالمعروف صدقة ، ونهيك عن المنكر صدقة ، وإرشادك الرجل في دلو أخيك صدقة» (٤)
__________________
(١) مجمع البيان / ج ١٠ ـ ص ٣٥٦.
(٢) الكشاف / ج ٤ ـ ص ٦١٢.
(٣) موسوعة بحار الأنوار / ج ٩٦ ـ ص ١٢٢.
(٤) كنز العمال / ج ٥ ـ ص ١٦٣.