عن هداها كلّ ممزّق فصاروا إلى الضعف والذل.
وفي الروايات إشارة من رسول الله (ص) إلى معنى «عزين» على أنّه التفرّق جماعات ومذاهب ، فعن جابر بن سمرة قال : دخل علينا رسول الله (ص) المسجد ونحن خلق متفرّقون فقال : «مالي أراكم عزين؟ ألا تصفّون كما تصفّ الملائكة عند ربّها؟» قالوا : وكيف تصفّ الملائكة عند ربّها؟ قال : «يتمّون الصفوف الأول ويتراصّون في الصفّ» (١).
والتفرق نتيجة طبيعية للكفر بالله والرسالة ، لأنّ الإيمان يجمع الناس على محور واحد هو محور الحق ، أمّا الكفر فإنّه يتخذ أشكالا مختلفة .. أحزابا وأفكارا وقيادات. وهناك قول بأنّ المقصود بالكافرين هم المنافقون الذين يظهرون الإيمان ويخفون الكفر والتكذيب (٢) ، والأقرب تعميم المعنى ليشمل الكافرين والمنافقين جميعا.
وإذا تنكّب الإنسان عن صراط الجنة الرسول (قيادة) والرسالة (منهجا) فكيف يسعد؟ ومن أيّ باب يدخل الجنة؟ وبأيّ وسيلة؟
إنّ الإنسان إنّما يرفض الحق قيادة ومنهجا فرارا من المسؤولية والاجتهاد ، لا بغضا للحقّ في ذاته أو جهلا به ، بينما نفسه تظل تتطلّع إلى الخلاص من العذاب والفوز بالجنة ، وهكذا تراه يلجأ إلى التمنّيات والظنون. من هنا يستنكر عليهم السياق ذلك الطمع الزائف فيقول :
(أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ)
__________________
(١) تفسير البصائر / ج ٤٩ ـ ص ١٢٤.
(٢) هكذا في مجمع البيان ، وإليه ذهب الفخر الرازي والعلامة الطباطبائي وصاحب تفسير فتح القدير للشوكاني.