الإطار العام
في الوقت الذي تبين هذه الآيات من السورة الملامح العامة لرسالة نوح (ع) ومن خلالها للرسالات الالهية جميعا (الآيات ١) كما تشير الى قصته مع قومه والتي انتهت بهلاكهم غرقا بالطوفان (الآيات ٥) ، فإن محورها الأساسي كما يبدو ليس ذلك وانما هو التركيز على أن نوحا ـ عليه السلام ـ ضرب مثلا رائعا للمعاناة في سبيل الله ، والاستقامة على نهج الرسالة رغم التحديات الخطيرة المتمادية ، حيث بقي ـ سلام الله عليه ـ (أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً) (١) يكابد مرارة نفور قومه الذين أصروا على الباطل ، واستكبروا عن الحق ، ومكروا مكرا كبّارا ، لا ينثني عن أهدافه ، ولا يتراجع عن نهجه ، وتلك الاستقامة درس عظيم لنا ، لأنها كانت من الثوابت التي لا تقبل التغيير .. بلى. كان يغيّر من أساليبه فمرّة يدعو جهارا ، وأخرى إعلانا ، وثالثة إسرارا ، لا يدخله ادنى شك في الحق الذي بين يديه بسبب تكذيب قومه ، والبشرية يومئذ معارضة لدعوته ، ولا
__________________
(١) العنكبوت / ١٤