ويفرضه على أهل الكفاءة (١).
ثالثا : التأكيد على المعطيات :
وهذا من الأصول في كلّ دعوة ، أن يبين الداعية المعطيات التي تنبثق عن اتباع دعوته ، ولا ينبغي للرساليين الغفلة عن ذلك ، لأنه يساهم بصورة إيجابية فعالة في دفع المجتمع للالتزام بالمنهج المطروح ، وخلق ديناميكية التطبيق في نفوس أفراده ، ولعل ذلك من دواعي تفصيل القرآن في التشويق الى الجنة كنتيجة للعمل بالحق والتخويف بالنار كعاقبة لا تباع الباطل ، وبذات المنهج والمنطق حدث نوح قومه :
(يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى)
وهذان المعطيان أهم ما تحتاجه الأمم والمجتمعات التي تتجه نحو الهلاك والنهاية حضاريا وماديا ، ذلك أن العذاب الأليم الذي يحل بالأقوام ليس الا نتيجة للذنوب والانحرافات التي يتورطون فيها ، فتكون سببا في هلاكهم ، والسؤال : لماذا قال الله : (مِنْ ذُنُوبِكُمْ) وليس ذنوبكم ، مع أن من تفيد التبعيض؟
لعل ذلك لأمور ثلاثة :
الأول : أن مجرد العبادة والتقوى والطاعة للرسول لا تجبّ عن الإنسان كل ذنوبه ، لأن منها ما هو متعلق بحقوق الناس ، فلا تغفر إلّا بإرضائهم وأدائها ، ومنها ما لا يغفر الا بالعمل الصالح بعد الايمان ، بلى. إن (العبادة والتقوى والطاعة) تسبب غفران الله لأهم الذنوب ، أي التي تؤدي الى الهلاك ، وهي بعض ذنوب الناس وليس كلها.
__________________
(١) لقد مر الكلام في سورة الفرقان بهذا الشأن عند قول الله (وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) فراجع