بصورة معاكسة ، حيث يقوم بالمزيد من القمع والظلم ، وقد سمى دعوته بالدعاء لأنها في حقيقتها طلب لنجاتهم من العذاب الأليم.
(وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ)
وبالتالي يتأخر عنهم العذاب الأليم ، والأجل المعلق.
(جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ)
كناية عن الحجب التي تمنعهم عن سماع الدعوة والاستجابة لها ، وربما كان بعضهم يضعها بالفعل.
(وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ)
اي استتروا بها فهي حجاب كالغشاء تمنعهم من الاتصال بالدعوة ، بل حتى من مجرد النظر إلى الداعية ، والى جانب هذه الحجب الظاهرة ، هناك حجب باطنة تغشى قلوبهم أهمّها : الإصرار على الباطل ، والضلال ، والاستكبار عن التسليم للحق.
(وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً)
والمفعول المطلق «استكبارا» يفيد التأكيد والتهويل. أي استكبروا أيّما استكبار فاحش ، تحدوا به الحق رمزا وقيما ، وهذا تمهيد لتبرير الحكم الإلهي بعذابهم تبريرا موضوعيا ، فإن من يعرف مدى تودد نوح لهم وتلطفه بهم من جهة ، ومدى عنادهم وجحودهم من جهة أخرى لا يستبعد العذاب عن ساحتهم ، ولا يشك في عدالة الله. وفي الدر المنثور عن قتادة قال : بلغني أنه كان يذهب الرجل بابنه الى نوح فيقول لابنه : احذر هذا لا يغرنك ، فان أبي قد ذهب بي وانا مثلك