الإطار العام
إنّ التخرّصات بوجود قوى غيبية قاهرة تؤثّر في مجريات الحياة من الأفكار التي لا تكاد تخلو منها ثقافة من الثقافات البدائية ، وهي عامل رئيس في الشرك بالله وعبادة الأصنام والأوثان ، فالذي يعبد شجرة فإنّما لظنّه بأنّ فيها حلولا من عالم الغيب ، والذي يعبد الحجر لا يعبده بذاته وإنّما يعبد الروح التي يزعم أنّها تحوم حوله.
والجن من بين تلك الأرواح التي أثير ولا يزال حولها الكثير من الجدل إلى حدّ الخرافة والخيال المبالغ ، فقد زعم البعض أنّها أرواح خلقت ذاتيّا من غير خالق ، وقال آخرون أنّها تقوم بدور الخير والشر في الحياة ، وعلى هذا الأساس ارتأوا ضرورة إرضائها فأشركوا بها ..
وقد أفرز الوحي الإلهي الخرافة عن الواقع ، فبيّن الحق ، ونسف الثقافات الباطلة حول الجن ، كما كشف في هذه السورة التي سمّيت باسمهم عن جوانب من حضارتهم اعتمادا على علم الله المحيط بكلّ شيء ، وليس على الظنون والتخرصات ،