إنّك لو درست حركة الكهنة فستجدهم يسعون لجعل أنفسهم محورا من وراء ثقافاتهم ودعوتهم ، فهم دائما يريدون إقناع الناس بأنّهم عظماء ، وأنّ لديهم قبسا من عظمة الله سبحانه وعلما من علمه. أمّا الأنبياء والرسل فإنّهم لا يدعون مع الله أحدا أبدا. ويتفرّع من ذلك أنّ الدعوات البشرية عادة ما تكون وسيلة لارتزاق أصحابها بها. أمّا أولياء الله فإنّهم لا يسألون أحدا أجرا. بل يأتون ليعطوا الناس الأجر والخير.
وقد استفاد أئمة الهدى من هذه الآية حكما شرعيّا جنائيا بحرمة قطع المساجد كالكف في حوادث السرقة مثلا ، وقد جاء في الرواية في قصة سارق أحضر إلى المعتصم العبّاسي فاستفسر : من أيّ حدّ يجب أن يقطع؟ فقال الراوي (وهو ابن أبي داود) : من الكرسوع ، قال : وما الحجة في ذلك؟ قال : قلت : لأنّ اليد هي الأصابع والكف إلى الكرسوع ، لقول الله في التيمم (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) ، واتفق معي على ذلك قوم. وقال آخرون : بل يجب القطع من المرفق ، قال : وما الدليل على ذلك؟ قالوا : لأنّ الله لمّا قال : (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) في الغسل دلّ على أنّ حدّ اليد هو المرفق.
قال : فالتفت إلى محمد بن علي بن موسى بن جعفر (ع) فقال : ما تقول في هذا يا أبا جعفر فقال : «قد تكلّم القوم فيه يا أمير المؤمنين» ، قال دعني ممّا تكلّموا به. أيّ شيء عندك؟ قال : «اعفني عن هذا يا أمير المؤمنين» ، قال : أقسمت عليك بالله لمّا أخبرت بما عندك فيه؟ فقال : «أمّا إذا أقسمت عليّ بالله إنّي أقول : إنّهم أخطئوا في السنّة ، فإنّ القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع فيترك الكف» قال : وما الحجة في ذلك؟ قال : قول رسول الله (ص) : السجود على سبعة أعضاء : الوجه ، واليدين ، والركبتين ، والرجلين ، فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها ، وقال الله تبارك