بالشهادة جاء بعد ذكر إنشاء الطلاق ، وجواز الرجعة ، فكان المناسب أن يكون راجعا إلى الطلاق ، وإنّ تعليل الإشهاد بأنه يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر يرشح ذلك ويقويه ، لأنّ حضور الشهود العدول لا يخلو من موعظة حسنة يزجّونها إلى الزوجين ، فيكون لهما مخرج من الطلاق.
فإذا لم يشهد على الطلاق شاهدين ظاهرهما العدالة يسمعان إنشاء الطلاق كان غير واقع ، وكذا لا يقع إذا أشهد عدلا واحدا أو فاسقين يكون باطلا ، فإنّهم قالوا : إنّ بالإشهاد على الطلاق يظهر التناسق بين إنشاء الزواج وإنهائه ، بل قالوا : إنّه لو طلق ثم أشهد لم يكن ذلك شيئا ، والشرط أن يكونا رجلين عدلين ، فلا شهادة للنساء منفردات ولا منضمات للرجال.
ورأي الشيعة الإمامية هو الراجح إذ أنه يضيّق دائرة الطلاق التي اتسعت الآن كثيرا ، كما يسهل إثباته فيما لو وقع خلاف بين الزوجين في الطلاق ، ويجري العمل في مصر على أنّه يجب على الموثق «المأذون» أن يجري الطلاق بحضور شاهدين يثبتهما في إشهاد الطلاق ، ويوقّعان على وثيقة الطلاق بالشهادة. وقد نص قانون حقوق العائلة في المادة (١١٠) على أنّ الزوج الذي يطلّق زوجته مجبور على إخبار المحاكم بذلك) (١).
وهذه شهادة بصورة أخرى يقرها القانون المدني نظرا لأهميتها وواقعيتها.
ويقول الدكتور محمد يوسف موسى أستاذ ورئيس قسم الشريعة الإسلامية بكلّية الحقوق بجامعة عين شمس بالقاهرة في كتابه : (الأحوال الشخصية) مشيدا برأي الإمامية في الشهادة : (وهذه وجهة نظر يجب عدم التغاضي عنها ، فإنّ الأخذ
__________________
(١) الفقه المقارن للأحوال الشخصية بين المذاهب الأربعة السنية والمذهب الجعفري والقانون طبعة دار النهضة العربية ص ٣٧٨.