بهذا الرأي يمهّد السبيل للصلح في كثير من الحالات حقّا) (١).
ومن هنا جاء في الحديث المأثور عن الإمام الكاظم ـ عليه السلام ـ أنّه قال لأبي يوسف (الفقيه الحنفي الشهير): «يا أبا يوسف إنّ الدين ليس بقياس كقياسك وقياس أصحابك. إنّ الله تبارك وتعالى أمر في كتابه في الطلاق وأكد فيه بشاهدين ، ولم يرض بهما إلّا عدلين ، وأمر في كتابه بالتزويج فأهمله بلا شهود ، فأتيتم بشاهدين فيما أبطل الله ، وأبطلتم شاهدين فيما أكّد الله تعالى» (٢).
ويعود القرآن ليؤكد على أهمية التقوى بالذات في الظروف الصعبة والحرجة ، فإنّها قبل كل شيء سبيل الإنسان للانتصار على المشاكل وحلّها ، لما فيها من زخم إيماني يثبّت المؤمن على الحق ، ولأن التقوى في حقيقتها برنامج متكامل يجد فيه حلّا لكلّ معضلة ومخرجا من كلّ حرج مهما كان الظاهر باعثا على اليأس والقنوط.
(وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً)
وتنقض هذه الآية الكريمة ظنون البعض بأنّ اتباع شرع الله وأحكامه يضيّق على الإنسان مدار حريته ، ويسبّب له في الحرج والضيق ، كلّا .. إنّما يصل البشر لأهدافه ويتخلص من مشاكله ، ويجد الحلول الناجعة لها والمخارج من العسر والحرج باتباع سنن الله وأحكامه ، وذلك لأنّ سنن الله كما السبل اللاحبة التي لو مشى عليها الإنسان بلغ أهدافه بيسر وبلا عقبات ، ومن يتقي الله يتقي ـ في الواقع ـ الانزلاق عن هذه السنن إلى المتاهات التي لا تزيد السائر فيها إلّا ضلالا وبعدا عن أهدافه ، فقد تبدو للبعض أنّ السرقة والانتهاب والحيلة والغش والظلم
__________________
(١) الأحوال الشخصية للدكتور محمد يوسف موسى ص ٢٧١ طبعة ١٩٥٨ م.
(٢) نور الثقلين ج ٥ ص ٣٥٢.