الرسول والرسالة ، لأنّهما جنبا إلى جنب يكمّل أحدهما الآخر ذكر الله للناس ، والرسول ليس منزلا إنّما المنزل هي صفة الرسالة التي اشتق اسم الرسول منها ، وهكذا وصف الرسول بالذكر لأنّه يتلو آيات بينات ، ومن هنا : لا يكون الذكر الكتاب وحده ، ولا الرسول وحده ، وإنّما هما معا. وهما معا يشكّلان حالة واحدة لا ينفصلان ولا يفترقان حتى يوم القيامة.
والآية هي العلامة والدلالة ، وآيات الله كلّ ما يعرّف الإنسان به ويهديه ، فالسماء آية ، والشجر آية ، والمطر آية و.. و.. ، ولكنّ أجلى الآيات هي التي جاءت بها رسالة الله عزّ وجلّ ، والتي وصفها بأنّها «مبيّنات» لأنّها آية في ذاتها وتهدينا إلى سائر آيات الله ، وهذا ما يميّز آيات القرآن عن الآيات الطبيعية الأخرى.
ثم إنّها ترسم الطريق المستقيم ، فتبين الصواب والخطأ ، وما أحوجنا أن نتبعها. أو ليست تنصب لنا أنوار الهداية ، كما قال تعالى :
(لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ)
من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان ، ومن ظلمات الجهل إلى نور العلم ، ومن ظلمات التفرّق إلى نور الوحدة و.. و.. وبعبارة أخرى : من كلّ شرّ وظلمة إلى كلّ خير ونور ، ونتساءل : أوليس المؤمنون قد خرجوا فعلا من ظلمة الكفر إلى ضياء التوحيد ، فما ذا يعني بيان أنّ الله يخرجهم من الظلمات إلى النور؟ الجواب : للإنسان في البدء فرصتان متساويتان للإيمان وللكفر ، وقلبه كالشفق فيه ضغث من نور وآخر من ظلمة ، وآيات الله ليس تكشف له عن النور والظلمة فقط ، بل ترجّح فيه فرصة الإيمان وتزيد النور الذي في قلبه لتميل به إلى الحق ، ثم ترقى به درجة فدرجة في مدارج النور والكمال حتى يتمحض في الإيمان فيخرج خروجا