بلذيذ العيش ، وتخلل خالد بلسانه فأطب في صفات ضروب الجواري ، وشوقه إليهن وأمير المؤمنين يريه أنه يعجبه ما يقول ، فلما فرغ قال له : يا خالد ما سلك مسامعي قط كلام (٣٠ ـ و) أعجب إليّ ولا أحسن من كلام سمعته منك فأعده عليّ فقد وقع مني موقعا خاصا فأعاده عليه بأحسن مما ابتدأه به ، ثم قال له : انصرف وبقي أبو العباس مفكرا فيما سمع من خالد وهو يصرّف رأيه ويقسم أمره إذ دخلت عليه أم سلمة وكان أبو العباس حلف لها ألا يتخذ عليها سريّة ولا حرة ، فلما رأته متفكرا متغيرا قالت : إني لأنكرك يا أمير المؤمنين فهل حدث أمر تكرهه أو أتاك خبر ارتعت له؟ فقال لها : لا والحمد لله ، ثم لم تزل تدنو منه وتستخبره حتى أخبرها بمقالة خالد ، فارتاعت وقالت : فما قلت لابن الزانية؟ فقال : أينصحني وتشتمينه ، فخرجت فأرسلت الى موالي لها من البخارية ، فأمرتهم بضرب خالد ، قال خالد : فركبت بالعشي اليه وأنا مسرور بما ألقيت الى أمير المؤمنين فبينما أنا مع الصحابة واقف إذ أقبلت البخارية تسأل عني ، فتحققت الجائزة ، فقلت : ها أنا ذا خالد ، فسبق أحدهم إليّ بخشبة ، فلما أهوى إليّ غمزت برذوني ، ولحقه فضرب كفله ، وتعادى إليّ الباقون وغمزت برذوني ففتّهم ، واستخفيت في منزلي أياما ووقع في قلبي أني أتيت من قبل أم سلمة وطلبني أمير المؤمنين فلم يجدوني ، فلم أشعر إلّا بقوم قد هجموا عليّ ، وقالوا : أجب أمير المؤمنين فسبق إليّ أنه الموت ، فقلت : إنا لله لم أر دم شيخ من العرب أضيع من دمي ، فركبت وركبوا معي ، ثم أذن لي فرأيته خاليا فرجع إليّ عقلي ، ورأيت في المجلس بيتا عليه ستور رقاق ، فقال : يا خالد لم أرك؟ قلت : كنت عليلا (٣٠ ـ ظ) يا أمير المؤمنين فقال : ويحك إنك وصفت لي آخر دخلة دخلتها عليّ من أمر النساء والجوار صفة لم يخترق مسامعي كلام أحسن منه فأعده عليّ وسمعت حركة خلف الستر ، فقلت : نعم يا أمير المؤمنين أعلمتك أن العرب إنما اشتقت من اسم الضرتين من الضرّ ، وإن أحدا يكون عنده من النساء أكثر من واحدة إلا كان في ضرّ ، فقال : ويحك لم يكن هذا في حديثك ، قلت : بلى والله يا أمير المؤمنين ، قال : فأتمم الحديث ، قال : وأخبرتك أن ثلاثا من النساء كأثافي القدر تغلي عليهن أبدا ، قال : برئت من قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كنت سمعت بهذا منك قط ولا من غيرك ، قلت : بلى والله يا أمير المؤمنين إنما بهذا حدثتك قال : فأتمم الحديث ، قلت : وأخبرتك أن الأربع من النساء