لذلك كان سيدنا عمر ينهى عن المخاطرة بالمسلمين في ركوب البحر أو أن يكون حاجا بينه وبينهم.
أطوار الفلك والسير على الماء
من نعم الله على عباده أن علم أباهم نوحا صنع السفينة زمن الطوفان الذي كانت فيه نقمة لمعانديه وغير المومنين به. وما بقوم من نعمة فلأضدادهم نقمة.
مصائب قوم عند قوم فوائد. فكانت سفينة النجاة التي صنعها الأب الثاني للبشر بأعين الله ووحيه طولها ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسون وارتفاعها ثلاثون على ما في التورية. وبها ثلاث طبقات مساكن سفلى ومساكن وسطى ومساكن عليا ولها كوى على ما يشبه السفن في الحالة الحاضرة في الجملة. وكان سيرها على الماء تحت رحمة الرياح والأمواج. وبعد أن عمر ذرية نوح جهات بابل وتفرقوا في أقطار الأرض واختلفت لغاتهم وأقطار مساكنهم ومصروا الأمصار كانت الحضارة في بابل بالغة حدها بالنسبة لتلك العصور الأولى. وكانت هاته المدينة العظمى يشقها نهر الفرات الذي يضرب المثل باسمه في المياه ، فكان سكان أعاليه يرسلون الغلال في فلك من جلود وأعواد ويجعل فيه مع المراكب حمار وتبن ليمكن أن يحمل عليه ذلك الفلك ويرجع به إلى سكان أعالي النهر بعد وصوله إلى بابل وأخذ ما به. وعبارة الحموي : يسيرون في الماء إلى بابل على أطواف من أنحاء مولفه تصطنع في أرمينية وهي أعلى أشور ، ويكون اصطناع الأطواف بمد خشب الصفصاف وجعل تلك النحي فوقها على شكل طوف مدور كالترس لا يكون له مقدم ولا مؤخر ، وينفخون النحي ويفعمون جوفها تبنا وهكذا تنساب هذه الأطواف في النهر حاملة أنواع المنقولات ولا سيما الخمر والتمر ، وحين يصلون إلى بابل يبيعون ما حملوه عليها ومثله التبن وخشب الصفصاف ويحملون النحي على الحمر راجعين إلى أرمينية ، ثم يصنعون أطوافا نظير تلك تحملهم. قلت : الطوف قرب ينفخ فيها ويشد بعضها إلى بعض كهيئة السطح يركب عليها في الماء ويحمل عليها ، وهو الرمث بفتح الراء والميم ، وهذا الأخير فسروه بأنه خشب يضم بعضه إلى بعض كالطوف ويركب عليه في البحر. وفي الحديث أن