الشيخ رفاعة المصري ومطلعه :
فهيا يا بني الأوطان هيا |
|
فوقت فخاركم لكم تهيا |
نظم تلك القصيدة الحماسية في عام ١٧٩٢ ، وهو من المشغوفين بالموسيقى والشعر وكان ضابطا صغيرا للرمي بالمدافع في مدينة استراسبورغ «بمقاطعة الألزاس واللورين» واخترع لحنها في إحدى الليالي بعد السمر بدار شيخ المدينة وعائلته ومنادمتهم. ولما أصبح نشر اختراعه الحماسي وأنشده ، وكانت ابنة الشيخ تعينه بتأثير ألحان الورغن «البيانو» بمحضر ثلة من الضباط والرجال والنساء حتى أبكاهم جميعا وحملهم على القيام كجسد واحد في الدفاع عن الوطن. قلت وهكذا تفعل البلاغة الشعرية وألحان الموسيقى في استهواء العقول واستمالة النفوس. وأول من اتخذها وتغنى بها أهالي مرسيليا في حروب ذلك العهد فنسبت لهم وقيل فيها ألحان المرسيليز. وهي اللحن الوطني المؤثر والمتخذ شعارا للجند والمحترم في المجامع والموروث للأصاغر من الأكابر.
سكان فرانسا الأصليون
بعد الكلام على مرسيليا حاضرها وغابرها فمن المناسب التكلم على أصل السكان بفرانسا وأدوار دولها باختصار ليكون القاري على بينة من هاته المملكة ، حيث يتحتم على المسافر العلم بذلك وتدعوه الضرورة إلى استحضار تاريخ هاته الدولة بمجرد دخوله لترابها. قرروا أن السكان الأصليين الأولين بفرانسا «كانصتاد» قصار القامات وجباههم غايرة ووجوههم مفرطحة وأدواتهم بسيطة وأعمالهم ساذجة. ثم داخلهم قوم من جنوب أروبا من بينهم طوايف طوال القامة وأرباب صنايع ـ ثم أتاهم أناس شقر الشعور من الكولوا ، كما وافى هاته المملكة الباسك قبايل من شمال إفريقيا ، ولا زالت لهم بقية ولغة في جنوب فرانسا. فتولد من هذه الأجناس وغيرها عنصر ورث كثيرا من محامد الأخلاق ولم يفقد إلى الآن مع طول الزمن بعض ما له من ملامح الصفات أو لهجة بعض اللغات. فسميت فرانسا الفول حيث سكانها