غار ماؤها وقد انتفع بها قوم وبقي أقوام يتفكنون ، أي يتندمون. ولعل كل شيء نفيس أو أمر نافع هذا شأنه. يعرف قيمته الغريب ، ويزهد فيه القريب. اللهم إلّا الذين أراد الله بهم خيرا. مثلما قرروا في أسباب السيادة وطرق الرياسة يوفق الله من أراد لاكتساب خلالها. وإذا أراد الله شيئا هيأ أسبابه وسيأتي هذا في أخذ الفرنساويين بأسباب السيادة كإكرام أهل العلم وإنزال الناس منازلها إلخ في فصول باريز. والأمة العربية في الأجيال الغابرة عرفت منازل الكواكب وفوائدها الحسابية وأنواءها وكادوا أن يعتبروا الكوكب النهاري العظيم أكبر إله في عهد جاهليتهم ، وشبهوا بجمال الكواكب وتوهموا فيها صورا لبعض الحيوان والنبات.
وكنت نظمت بمناسبة كسوف الشمس في عام ١٣٢٣ ـ ١٩٠٥ قصيدة ضمنت بها الكسوف ودوران الكواكب بالشمس ذات المنافع الجمة في عالم الحياة وما كان للعرب من الخبرة بعلم النجوم. ونص ما نشرته جريدة الحاضرة بعددها ٨٥٩ :
من القيروان إلى نادي العرفان
وردت لنا القصيدة الآتية من الفاضل المهذب الأديب المتفنن الشيخ السيد محمد المقداد الورتتاني نائب جمعية الأوقاف في شأن الكسوف الذي وقع في الثلاثين من أوت الفارط ضاق نطاق الجريدة عن إدراجها بوقتها. وحيث كانت من أجل ما جادت به قريحة أديب في كشف أسرار الكوكب العظيم وما له من التأثير في نظام العالم والحياة البشرية مع تخلص إلى التنويه بالعلوم الرياضية عموما ، وعلم الفلك خصوصا ، الذي تقاعست عنه همم الأمة الإسلامية وأصبح ميدان تنافس الأمم الإفرنجية بعد أن كان نوره مشرقا بالبلاد الإسلامية ، فقد أحببنا تطريز جيد الجريدة بقلائدها وتوشيحه بمنظوم فرائدها. ونصها بلفظها الرايق ، ومعناها الفايق :
أفلت وكان كسوفها متوقعا |
|
وخفت فكاد القلب أن يتقطعا |
ونضت بعيد الصد ذاك البرقعا |
|
فشفت فؤاد المستهام تطلعا |