إلّا من أبناء التعليم العربي. ومعهده الأكبر بإفريقيا جامع القيروان في القديم ، ومن القرن السابع إلى الآن جامع الزيتونة دام عمرانه. وإنما كتاب العصر اتخذوا هاته الكلمة رمزا إلى من يتعرض في طريق الإصلاح أو لا يرى فائدة في علوم الحياة.
ولعلها استعملت من القرن الثاني عشر في مبدأ تغيير رجال الدولة والقائمين بالإصلاح اللباس القديم وتركهم العمامة في اللباس الجديد. وما لا قوه في أول أمرهم من بعض من لا يعلمون قيمة الإصلاح. وهم بلا شك من المعممين. فأطلقوا هاته الكلمة على أولائك الأفراد المخالفين إذ ذاك للمصلحين في لباسهم وأفكارهم.
فذهبت مثلا وصارت تطلق على منكر الإصلاح وعلوم الرقي بقطع النظر عن جنسه ولباسه. وسيأتي الكلام على اللباس وأطواره في فصول باريز.
الحياة بالمال؟ أو بالجمال؟
يود الإفريقي أن يعطي غطاء السماء على ما هي عليه من الجمال والزركشة ويأخذ بساط الأرض ذات الاخضرار. والثمار معاوضة ولكن هل تبقى تلك الأرض على زخرفها وزينتها إذا صارت إلى غير أربابها العاملين ، وهل المعجبون والراغبون في مثلها قادرون على مداومة خدمتها وإثارتها وعمارتها حتى لا تصبح حصيدا كأن لم تغن بالأمس ، أو هل يتحمل أربابها بالقيام بها ولا يكلفون الراغبين في أخذها معاوضة عناء العمل فيها. وأظن أن المشترط لهذا الأمر يذكرنا في حديث قوم موسى (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ). وإلّا اشترطوا هم أيضا على أرباب السماء ما فوق الطوق وهو الالتزام لهم بأن الشمس متى صارت لهم لا يأتيها السحاب وأن تبقى السماء صقيلة المنظر الفيروزجي مطرزة الجلباب. لهذا يرى المتدبر أن لهم العذر في تمنيات شمسنا وطيب هوائنا إذ ليس في وسعهم اقتناء ذلك بممالكهم ، ونحن ليس لنا عذر بدون أن تصير أرضنا نضرة بالغراسة في الجهات التي تقل فيها الأمطار أو أن لا نجيد خدمة الأماكن الطيبة التربة مع تربية الحيوان والتنقل به إلى مظان الكلأ والرعي في مواقع نزل الربيع ، وإعداد ما يقيه ويقتاته في أوقات الجدب وزمهرير الشتاء. ولا يرجع جمال أرض فرانسا فيما يظهر إلّا لإجادة العمل