فيفي ومنترو
عزمت على الركوب في البحيرة من رصيف العدوة الشمالية شرقي قنطرة مون بلان ، فلما وقفت هناك نظرت متأملا من هاته المدينة التي أخذت حظا من الحسن في شاطي البحيرة اللازوردية ومراكبها البيضاء التي تحاكي الكواكب وزوارقها ذات الجناحين الطائرة في الأفق الذي تشابه فيه لون السماء. والماء آتية من البلدان التي على شواطئ البحيرة متهافتة على مرسى المدينة كأنها تسعى إلى مدينة جنيف تتطلب النور الذي تقصده طيور الفراش عشاقة النور وقد أشبهتها في الشكل والفعل. فيفي : ركبت سفينة بقصد النزول في فيفي بالشمال الشرقي من البحيرة إجابة لدعوة السيدة صاحبة المروءة والأيادي البيضاء التي عرف لها التونسيون الإحسان لبني الإنسان ، وهي مدام دوكيو ، وكان اسم السفينة من غريب الاتفاق فيفي أيضا ، وبها درجتان فقط أولى وثانية ومطبخ والموسيقى تترنم من حين إلى آخر مدة الثلاث ساعات التي قضيناها في البحيرة بين البلدين ، حيث أقلعت ٤ ، ١١ وأرست ٢ ،. ٣ والركوب على سطح البحيرة الهادئة على خلاف ما عرفناه من البحر ، فقد وجدناه هاته المرة لذيذا في البواخر البيض التي تشبه حمام الرسايل أو لكواكب السيارة ، ونحن كسكان الكواكب على مذهب فلامريون سابحين على أديم أزرق وفي عالم فيروزجي. لذلك يكون التشبيه حقيقيا بلا قلب في البيت الذي مثلوا به لعكس التشبيه. إذا قيل في هاته البحيرة :
وزورق أقر عيني ماؤه |
|
كأن لون أرضه سماؤه |
تلقتني السيدة بسيارتها على رصيف فيفي وبعد دخول القرية التي بها من السكان نحو ١٥ ألفا صعدنا الجبل بالشمال الشرقي إلى منزل إقامتها ببستان «بايل زيو» ، وبه قصره الشامخ وبجانبه منزل السيدة مستديرا على شكل صومعة من بناء عربي تحيط به شرافات يسمى «لاتور» ، أي الصومعة. وبه طبقات أربع ونوافذ من جميع الجهات ، ولما استقريت نظامه ، وبرور القرى من كرامه ، جاء نصب عيني قول