المارين من غاب الأسود وقفر السباع. وإذا كان العالم بستانا سياجه الدولة فباريز بستان سياجه البوليس. فشكرا لهم على ذلك النشاط وتلك الأخلاق وخدمة الإنسانية بلا تفرقة بين الأجناس بما يعود على وطنهم بالعمران ، والذكر الحسن في سائر الأقطار بين بني الإنسان.
٢ ـ القسم العلمي
مدرسة اللغات الشرقية بباريز
في يوم الاثنين صباحا ٢٣ من جوان حضرت امتحان مدرسة اللغات الشرقية بباريز. وكانت اللجنة متركبة من مدير وكاتب على يساره ومدرس على يمنيه يباشر اختبار التلميذ باللسان العربي. وبقية التلامذة الممتحنين في زاوية البيت والامتحان يجرى بمرأى منهم ومسمع. وفعل ذلك تطمين لخاطرهم وتسكين لروعهم وكانت الأسئلة مختلفة. فأجلسونا مع لجنة الامتحان التي كاتبها في حضورنا المسيو صال متفقد المستعمرات سابقا. يناول المدرس مجلدا بين يديه من كتاب مجاني الأدب يقرأ فيه التلميذ الصحيفة التي تعين له ويجرى سؤاله عن الإعراب أولا ، ثم عن تصريف الكلمة واشتقاقها والمفردات التي تشاكلها في اللفظ وتشترك معها في مادة واحدة ، ثم يسأل عن المعنى ثم عن أشياء تتعلق بدين وعادات أمة اللغة العربية.
وكان الممتحن يقابل التلميذ في المحاورة بالبشاشة. ومتى غلط التلميذ يقول له اسمح لي فإن الأمر كذا وكذا. وخشية أن يخجله يبسم له ابتسام المنبسط الراضي.
كان مجلس الامتحان الذي حضرته لتلامذة السنة الثانية في اللغة العربية. سئل منهم اثنان بمحضري في العربية الأصلية والمغربية بشمال إفريقيا. قرأ أحدهما ويسمى «أنجي» من صحيفة ٤٥ فصل الصدق والكذب وأعرب أن الصدق مع الحياة خير من الحياة مع الكذب. وسئل عن معنى الحج والطواف. واختبر «بكن» من صحيفة ١٠٠ قدم لأعرابي كامخ وهو أكلة مصنوعة من الحنطة واللبن. ثم جرى اختبار تلامذة اللغة العربية الأصلية والشرقية أي لغة سكان آسيا. قرأ أولهم «كلا» من صحيفة ١٠٨ : مررت بمعلم يضرب صبيا ويقول والله لأضربنك حتى تقول لي من