في يوم السبت التاسع عشر لذي الحجة من سنة خمس وسبعين «أي وستمائة» وأمره بالنظر في خزانة الكتب ، وسئل عنها حين كانت لنظره أولا فذكر أنها كانت ثلاثين ألف سفر وأنه الآن اختبرها فوجدها تقصر عن ستة آلاف سفر. فسئل عن موجب ذلك فقال المطر وأيدي البشر. وأبو فارس عبد العزيز الحفصي سنة ٧٩٦ ـ ٨٣٧ من حسناته خزانة الكتب بجامع الزيتونة التي نوه المؤرخون بها. وخزانة الكتب بالمقصورة الشرقية من جامع الزيتونة كانت من عهد عثمان الحفصي سنة ٨٣٩ ـ ٨٩٢ ، والعبدلية أسسها محمد الحسن أبو عبد الله ابن محمد المسعود بن عثمان سنة ٨٩٩ ـ ٩٣٢ وهي المقصورة التي بصحن الجنايز ، ووقف بها كتبا في فنون شتى.
اللوفر
قصر عظيم شامخ رحب البيوت له طبقات شاهقة وفسيحة بني على عهد فرانسوا الأول في سنة ١٥٢٢ وفيه حسبما نقلوا وضع أحسن ما أمكن جمعه من الصور والتماثيل وتحف الصنايع المعروفة في الدنيا.
ولا زالت الدولة تنظر إليه بعين الاعتناء والأمم بالاعتبار. دخلته فرأيت به أنواع المصنوعات العتيقة لسائر الأمم ومن جميع الأقطار والقارات ، من صور حجرية وجثث بشرية ومنقوشات أثرية وإطارات دهنية بتقاسيم يختص بها كل نوع مع أمثاله وكل صنف مضموم لنظائره. فالجدران المعلقات الدهنية ترى
مغشاة مزركشة بأنواع وألوان وأشكال وغرائب بالصور الممثلة للحقيقة والخيال ، على تعدد أصناف الاجتماعات والأفراد من البشر والحيوان والغابات والجبال والبساتين والبحار وسائر أحوال الإنسان في الأفراح والصيد ومجالس الملوك وأسواق الغرام يقضي الناظر في ذلك أياما لو تتبع جميع ما هنالك. ترى الوفود المكتظة بهم البيوت الطويلة العريضة كأنما على رؤوسهم الطير لا يعرفون أين يضعون أقدامهم ولا من يمشي أمامهم أو وراءهم. ملكت هواهم صور الجدران ، وشدت بأهداب إليها الأجفان ، لما أن هاتيك الرسوم الأنيقة ، تكاد أن تضاهي الحقيقة. ففي ذلك المكان كما قال بعض الأدباء : حدائق لم تنبت في التراب ، ولا جادتها أيدي السحاب ، وتصاوير تحرك العارف بسكونها ، وتفتن الألباب