الجراثيم المتولدة من هذا القنال بل الوبال ، أو من آلام ما يتعفن بالباطوار «محل قتل الحيوان» الذي جاء بوسط القرية. وعدم الاعتناء بحفظ الصحة إلى هاته الدرجة لم أر مثله أيضا فيما مررت به من مساكن فرانسا. أما السويس فأمر كهذا لا يخطر بالبال ، ووجوده رابع معدودات المحال.
بستان ديزيكليز
بين صديقنا الدكتور وبين صاحب هذا البستان علاقة وداد أوجبت عليه إكرامنا لأجله ، فقبلنا في قصره الذي جاء غربي القرية بمسافة ميل في بستان ملوكي بمكان يسمى فربايل. وأطلعنا على مكتبته الكبرى بالقصر المذكور وبيت بالزاك الروائي الشهير ويسر هذا الشيخ الكريم أن يقصد مكتبته المطالعون مثلما يسره «على ما تقرؤه من وجهه قواعد الفراسة» أن يقرىء الضيوف بصدره الرحب وقصره الشاهق.
والفرنساويون أشبهوا الرومانيين في كثرة اقتناء الكتب وإباحتها للمطالعين ، فقد كانت في مساكن الأشراف الرومانيين مخادع جميلة بها مكتبات مباحة لمن يرغب الاطلاع عليها من الأدباء والعلماء ، مع أن الكتب في عصرهم نادرة الوجوه وغالية الثمن ، وهم مع ذلك لا يحتكرونها. وعلى هذا المنوال ، بالمملكة التونسية مكتبة صديقنا النحرير الشيخ سيدي الطاهر ابن عاشور قاضي قضاة المملكة التونسية المحمية.
وفي القيروان مكتبة العالم الشيخ سيدي محمد الجودي مفتي مدينة القيروان المحترمة.
ولا أكتم أن بعض الناس من جملة مكاسبهم كتب مهمة يشحون ولو برؤيتها على غيرهم ، وإن شئت على أنفسهم أيضا. كما لا ينكر أن الذي وسع لبعضهم العذر في ذلك من يستعير الكتب ولا يرجعها متمسكا ببيت ابن عاصم «ولكن بالمصراع الثاني منه فقط» :
وما استعير رده مستوجب |
|
وما ضمان المستعير يجب |