وكركسونة وتسمى قرقشونة. وطولوزة واسمها في الكتب العربية طولوشة ، وأفينيون وتسمى صخرة انيون. وبواتيي وتعرف ببلاط الشهداء إذ بها كانت الوقعة الكبرى بين عبد الرحمان الغافقي أمير الأندلس وشارل مارتيل أمير الإفرنج سنة ١١٤ هجرية فانهزم بها المسلمون. وإن تقدموا بعدها في مملكة فرانسا. وفي الحرب الثانية بين قرطاجنة ورومة من سنة ٢١٩ إلى سنة ٢٠٢ ق ـ م عزم هنيبال على محاربة الرومان في بلادهم ، فاجتاز جبال البيريني وسار على جنوب «غليا» فرانسا وكان أهلها أعداء للرومان فانخرط منهم جم غفير تحت لوائه.
طولوز
يقال إن تأسيسها قبل رومة ، وفي القرن الخامس استولى عليها الفاندال حتى أخذها كلوفيس بعد الخمسمائة. والآن سكانها ١٥٠ ألفا ، وهي في الرتبة السادسة من المدن العظمى بفرانسا من جهة عدد السكان فقط ، وهي مركز مقاطعة أعالي نهر الكارون الذي يشق المدينة آتيا لها من الجنوب ، ويظهر من اتساعها وفراغها عظمة ماضيها وانحلال حاضرها وتقرأ من خطوط رسمها المستطيلة وقلة السالكين في سككها أنها أخذت حظا عظيما في الماضي ، شأن العواصم ذات الضواحي المتسعة المترادفة القرى في زمن مضى ، ثم أتاها زمن لا عاصم فيه من أمر الله ، فترى ممططة الشوارع المتسعة بلا ساكن يملؤها أو عمران يزينها. وهذه سمة الطاعن في السن الذي سبق له شباب أفعم الأديم وكساه رونقا وجمالا ، ثم امتصه الدهر وأكل منه وشرب ، فكانت آثار الشباب والجمال مما تزيده إيحاشا. وما أوحش العواصم في أدوار انفلات السيادة منها وتجافي القصاد عنها. وما أنكد حظ سكانها في ذلك العصر فهم يحلمون بما كان ، ولا يجارون الزمان. فيمسون في أخسأ المراتع ، ويصبحون أقل من القليل في عين الناظر وأذن السامع. وإن ملأت أحاديث عظمتهم الحقة والفارغة بطون الدفاتر وسمر المجامع :
وأنكد الناس عيشا من تكون له |
|
نفس الملوك وحالات المساكين |