تلك الرّبى وفي ظلال الأشجار. صعدت إلى أعلى هاته الصومعة بنحو مائة وأربعين درجة وذكرت لنا حارسة الباب أن ارتفاعها أمتار ٢٨. ولما رجعت من الجبل في العربة قبيل الزوال كان الحر شديدا ومع ذلك عزمت على السفر إلى آرل لأحضر مصارعة الثيران في عشية هذا اليوم «الأحد».
آرل ـ في يوم الأحد ٦ جويليه ١٩١٣
وصلتها بعد السفر من نيم على طريق طراسكون بعد الزوال. وتناولت الغذاء على الساعة ٢ في مطعم بالشارع الذي يصعد إلى الأنفيتياترو. وكانت هاته القرية التي بها من السكان أربعة وعشرون ألفا غاصة بالوافدين للفرجة على مصارعة الثيران في هذا المساء ، والقهوات مكتظة والمطاعم مفعمة والطرقات مزدانة بأوراق صور الثيران.
بحيث رأيت على القرية زينة المواسم وعلى النساء شكلا ممتازا من اللباس ومسحة من الجمال العربي ، الذي مازج السكان من القرن الثاني. قرروا أن يوسف بن عبد الرحمان والي نربون استولى في أواسط القرن ٢ ه على آرل وأقام على مرسحها الروماني أربع صوامع للحراسة لا تزال منها صومعتان إلى الآن. أما تأسيس المرسح فهو من القرن الثالث م وقد قدمنا في نيم أن الأنفيتياترو ، معناه حول اللعب لفظة مركبة من كلمتين من لغة الإكريك.
وللأمم السالفة ولع ببناء هاته الهياكل وعناية بحضور الألعاب بها. والكتب العربية في القرون الأولى تعبر عنها بالطياطرا محرف «تياترو» وتفسرها بدار الملعب وقالوا في وصفها بقرطاجنة ـ أقواس على سواري وعليها مثلها ما أحاط بالدار وقد صور في حيطانها جميع الحيوان وجعلت فيها صور الرياح ، الصبا : وجه مستبشر ، وصورة الدبور : وجه عبوس إلخ.
مصارعة الثيران
دخلت الأنفيتياترو صعودا إليه من الشمال فصادف موضع جلوسي بالجانب