الغريب والمستوطن والحاضر والبادي. ولهم عادات تدل على تمسكهم بأسباب السيادة كإكرام أهل العلم والغرباء وإنزال الناس منازلهم ، ويتجافون عن المكر والخديعة. وقد ذكر ابن خلدون كثيرا من الخلال التي إذا حصلت لقوم استحقوا أن يكونوا سادة ، وان ذلك خير ساقه الله إليهم. وإذا تتبعت هذا الأمر وجدت غالبه عند أمم أروبا الآن ، وفق الله المسلمين لأسباب الرقي والفوز الدنيوي والأخروي.
حدث الأستاذ سيدي سالم بوحاجب من عيون مسائل رحلته إلى إيطاليا منذ أربعين عاما تقريبا ، أن ما حدثونا به عن صدر الإسلام وجاءت به شريعتنا من محمود الخلال والخصال وجلائل الأعمال ، وجد شيئا كثيرا منه عندهم ملكة متوارثة بينهم.
شبه الفرنساويين بالأمم الغابرة في التمثيل
أملينا طرفا من شبه الفرنساويين بالأمة العربية ، ونذكر الآن طرفا من شبههم بالأمم الغابرة ، وقد مر بك شبه سكان باريز بالبابليين وشبه الفرنساويين بالرومان في تعميم النفع بخزائن الكتب ، وشبه البربر بالعرب في كلام موسى بن نصير في فصل نجدة السكان بعد آرل.
أشبهت الأمة الفرنساوية من الأمم قبلها مثل اليونانيين والرومانيين في عدة صفات كمكافأة الرجال وسن القوانين والتصرف فيها ، وإرخاء العنان في مجالس اللهو ومواطن الخلاعة وغير ذلك.
أهل أثينة نقشوا على عمود من الحجارة اسم أرسطوطاليس وتمجيده بما كان عليه من اصطناع المعروف وكثرة الأيادي والمنن ففعل الفرنساويون مثلهم.
فقد رأيت كثيرا من صور مشاهير الرجال قائمة في شوارع المدن وبالأخص باريز.
وكذلك أقواس النصر تخليدا لذكرهم واعترافا بجميل أعمالهم في الحياة الدنيا. وقد أفادت تلك الآثار أبناءهم تاريخ الوطن وفخار الرجال ، وساقتهم في آن واحد إلى التشبه بهم في جلائل الأعمال وإطراء أصحاب الأعمال النافعة ونوابغ الأمة ، وتمجيد ذكرهم في بطون الدفاتر وصفحات الجرائد ودروس التعليم وأحاديث السمر مع الاحترام في الحياة والحفاوة والمكافأة. وهذا يبعث في النفوس النشاط ، فتتسابق إلى