وفي مدينة القيروان أخلاط من قريش ومن سائر بطون العرب من مضر وربيعة وقحطان وبها أصناف من العجم من أهل خراسان ومن كان وردها مع عمال بني هاشم من الجند وبها عجم من عجم البلد البربر والروم وأشباه ذلك.
ومن القيروان إلى سوسة (١) وهي على ساحل البحر المالح مرحلة وبها دار صناعة تعمل فيها المراكب وأهل سوسة أخلاط من الناس ومن القيروان إلى الموضع الذي يقال له الجزيرة مرحلة وهي جزيرة أبي شريك موغلة في البحر يحيط بها ماء البحر كثيرة التجارة وفيها قوم من رهط عمر بن الخطاب وسائر بطون العرب والعجم ، ولها عدة مدن ليست بالعظام يتفرق فيها الناس وعاملها ينزل مدينة يقال لها البواسة بالقرب من إقليبية (٢) التي يركب منها إلى سقلية (٣).
ومن القيروان إلى مدينة سفوطرة مرحلتان خفيفتان وهي مدينة كبيرة فيها قوم من قريش ومن قضاعة وغيرهم.
ومن القيروان إلى مدينة تونس (٤) وهي على ساحل البحر وبها دار صناعة وهي مدينة عظيمة منها كان حماد البربري مولى هارون الرشيد وهو صاحب اليمن.
وكان على تونس سور من لبن وطين وكان سورها مما يلي البحر بالحجارة فخالف أهلها على زيادة الله بن إبراهيم بن الأغلب وكان منهم منصور الطنبذي وحصين التجيبي والقريع البلوي فحاربهم فلما ظهر عليهم هدم سور المدينة بعد أن قتل فيهم
__________________
(١) سوسة : بلد بالمغرب ، وهي مدينة عظيمة بها قوم لونهم لون الحنطة يضرب إلى الصفرة ، ومن السوسة يخرج إلى السوس الأقصى على ساحل البحر المحيط. (معجم البلدان ج ٣ / ص ٣٢٠).
(٢) إقليبية : هو حصن منيع بأفريقيا قرب قرطاجنة ، مطلّ على البحر ، قال : لما أرادوا بناءه نقبوا في الجبل وجعلوا يقلبون حجارته في البحر من أعلى الجبل فسمّي إقليبيّة. (معجم البلدان ج ١ / ص ٢٨١).
(٣) سقلية : ضبطها صاحب معجم البلدان صقليّة بالصاد وأكثر أهل صقلية يفتحون الصاد ، من جزائر بحر المغرب مقابلة أفريقيا. (معجم البلدان ج ٣ / ص ٤٧٣).
(٤) تونس : مدينة كبيرة محدثة في أفريقيا على ساحل بحر الروم ، عمّرت من أنقاض مدينة كبيرة قديمة بالقرب من قرطاجنة ، وكان اسم تونس في القديم ترشيش ، وهي على ميلين من قرطاجنة ، وهي قصبة أفريقيا ، وليس بها ماء جار إنما شربهم من آبار ومصانع يجتمع فيها ماء المطر ، في كل دار مصنع ، وآبارها خارج الديار في أطراف البلد ، وماؤها مالح ، ولها غلّة فائضة ، وهي من أصح بلاد أفريقيا هواء. (معجم البلدان ج ٢ / ص ٧٠).