ومن طوس إلى نسا (١) من كورة نيسابور مرحلتان ، ومن نسا إلى باورد (٢) مرحلتان ، ومن نسا إلى خوارزم (٣) لمن أخذ مشرقا ثماني مراحل.
وخوارزم على آخر نهر بلخ في الموضع الذي يخرج ماء نهر بلخ منه إلى بحر الديلم ، وهو بلد واسع افتتحه سلم بن زياد بن أبيه (٤) في أيام يزيد بن معاوية (٥) ، وبه
__________________
(١) نسا : بلد أعجمي ، قال أبو سعد في سبب تسميتها بهذا الاسم : إن المسلمين لما وردوا خراسان قصدوها ، فبلغ أهلها ، فهربوا ولم يتخلّف بها غير النساء ، فلما أتاها المسلمون لم يروا بها رجلا ، فقالوا هؤلاء نساء ، والنساء لا يقاتلن فننسأ أمرها الآن إلى أن يعود رجالهن ، فتركوا ومضوا وسمّوا بذلك نساء والنسبة الصحيحة إليها نسائي ، وكان الواجب كسر النون ، وهي مدينة بخراسان ، وهي مدينة وبئة جدا ، يكثر بها خروج العرق المديني ، حتى إن الصيف قلّ من ينجو منه من أهلها. خرج منها جماعة من أعيان العلماء منهم أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن بحر بن سنان النّسائي القاضي الحافظ صاحب كتاب السنن. (معجم البلدان ج ٥ / ص ٣٢٥).
(٢) باورد : وهي أبيورد وسيرد ذكرها لا حقا.
(٣) خوارزم : ليس اسما لمدينة إنما هو اسم للناحية بجملتها ، وقد ذكروا في سبب تسميتها بهذا الاسم أن أحد الملوك القدماء غضب على أربعمائة من أهل مملكته وخاصة حاشيته فأمر بنفيهم إلى موضع منقطع عن العمارات بحيث يكون بينهم وبين العمائر مائة فرسخ ، فلم يجدوا على هذه الصفة سوى موضع مدينة كاث ، فجاؤوا بهم إلى هذا الموضع وتركوهم وذهبوا ، فلما كان بعد مدّة جرى ذكرهم على بال الملك ، فأمر قوما بكشف خبرهم ، فجاؤوا فوجدوهم قد بنوا أكواخا ، ووجدوهم يصيدون السمك وبه يتقوّتون ، وإذا حولهم الحطب كثير ، فقالوا لهم : كيف حالكم؟ فقالوا : عندنا اللحم ، وأشاروا إلى السمك ، وعندنا الحطب فنحن نشوي هذا بهذا ونتقوّت به ، فرجعوا إلى الملك وأخبروه بذلك فسمّى ذلك الموضع خوارزم ، لأن اللحمة بلغة الخوارزمية : خوار ، والحطب : رزم ، فصار خوارزم فخفّف ، وقيل : خوارزم استثقالا لتكرير الراء. (معجم البلدان ج ٢ / ص ٤٥٢).
(٤) سلم بن زياد بن أبيه ، أمير من آل زياد ، كنيته أبو حرب ، كانت إقامته في البصرة ، ولاه يزيد بن معاوية خراسان سنة ٦١ ه ، فذهب إليها ، وغزا سمرقند ، وكان جوادا ، أحبه الناس ومدحه الشعراء ، ولما مات يزيد بن معاوية ، وابنه معاوية بن يزيد ، دعا سلم أعيان خراسان إليه ، وعرض عليهم أن يبايعوه على الرضا ، إلى أن يستقيم أمر الناس على خليفة فبايعوه سنة ٦٤ ه ، ثم نكثوا بعد شهرين ، فاستخلف عليهم المهلب بن أبي صفرة ، ورحل إلى سرخس ، ومنها إلى سابور ، واجتمع بعبد الله بن خازم فأرسله إلى خراسان وعزل المهلّب ، وقامت فيها الفتنة على عبد الله بن خازم ، وهو بعيد عنها ، توفي في البصرة سنة ٧٣ ه / ٦٩٢ م.
(٥) يزيد بن معاوية بن بي سفيان الأموي ، ثاني ملوك الدولة الأموية في الشام ، ولد بالماطرون سنة ٢٥ ه / ٦٤٥ م ، ونشأ بدمشق ، ولي الخلافة بعد وفاة أبيه سنة ٦٠ ه ، وأبي البيعة له عبد الله بن الزبير والحسين بن علي ، فانصرف الأول إلى مكة والثاني إلى الكوفة ، وفي أيام ـ