أعلمني بعض أهل طاهر أن من نيسابور إلى مرو عشر مراحل ، ومن نيسابور إلى هراة (١) عشر مراحل ، ومن نيسابور إلى جرجان عشر مراحل ، ومن نيسابور إلى الدامغان عشر مراحل ، ومن نيسابور على جادة الطريق والخط الأعظم إلى سرخس (٢) ست مراحل.
أول المراحل قصر الرّيح (٣) يقال له بالفارسية : دزباد ، ثم خاكسار ، ثم مزدوران ، ولها عقبة طين.
وسرخس بلد جليل ومدينتها عظيمة وهي في برية في رمال ، فيها أخلاط من الناس.
افتتحها عبد الله بن خازم السلمي (٤) ، وهو يومئذ من قبل عبد الله بن عامر بن
__________________
ـ الجندي يوما : اذهب واسق فرسي ماء ، فلم يجسر على خلافه ، ولا استطاع مفارقة أهله ، فقال لزوجته : اذهبي أنت واسقي فرسه لأحفظ أنا أمتعتنا في المنزل ، فمضت المرأة وكانت وضيئة حسنة ، واتفق ركوب عبد الله بن طاهر فرأى المرأة فاستحسنها وعجب من تبذّلها فاستدعى بها ، وقال لها : صورتك وهيئتك لا يليق بهما أن تقودي فرسا تسقيه فما خبرك؟ فقالت : هذا فعل عبد الله بن طاهر بنا قاتله الله! ثم أخبرته الخبر ، فغضب وحوقل ، وقال لقد لقي منك يا عبد الله أهل نيسابور شرا ، ثم أمر العرفاء أن ينادوا في عسكره من بات بنيسابور حلّ ماله ودمه ، وسار إلى الشاذياخ وبنى بها دارا له وأمر الجند ببناء الدور حوله ، فعمّرت وصار محلّة كبيرة واتصلت بالمدينة فصارت في جملة محالّها ، ثم بنى أهلها بها دورا وقصورا. (معجم البلدان ج ٣ / ص ٣٤٦).
(١) هراة : مدينة عظيمة مشهورة من أمهات المدن في خراسان قال ياقوت : لم أر بخراسان عند كوني بها سنة ٦٠٧ ه ، مدينة أجلّ ، ولا أعظم ، ولا أفخم ، ولا أحسن ، ولا أكثر أهلا منها ، فيها بساتين كثيرة ، ومياه غزيرة ، وخيرات كثيرة ، محشوّة بالعلماء ، ومملوءة بأهل الفضل والثراء. (معجم البلدان ج ٥ / ص ٤٥٦).
(٢) سرخس : مدينة قديمة من نواحي خراسان كبيرة واسعة ، وهي بين نيسابور ومرو في وسط الطريق ، سميت باسم رجل من الذّعار في زمن كيكاوس سكن هذا الموضع وعمّره ثم تمّم عمارته وأحكم مدينته ذو القرنين الإسكندر. (معجم البلدان ج ٣ / ص ٢٣٥).
(٣) قصر الريح : قرية بنواحي نيسابور. (معجم البلدان ج ٤ / ص ٤٠٦).
(٤) عبد الله بن خازم بن أسماء بن الصلت السلمي البصري ، أبو صالح ، أمير خراسان ، له صحبة ، كان من أشجع الناس ، أسود اللون كثير الشعر ، يتعمّم بعمامة خزّ سوداء ، يلبسها في الجمع والأعياد والحرب ، ويقول : كسانيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قال البغدادي : هو أحد غربان العرب في الإسلام ، له فتوحات وغزوات ، ولي إمرة خراسان لبني أمية ، واستمر عشر سنين ، وفي أيامه كانت فتنة ابن الزبير ، فكتب إليه ابن خازم بطاعته ، فأقرّه على خراسان ، فبعث إليه ـ